للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضُ أصْحابِنا: إذا عَزَّى مُسْلِمًا بِمُسْلِمٍ قال: أَعْظَمَ اللهُ أجْرَكَ، وأحْسَنَ عَزَاكَ، ورَحِمَ اللهُ مَيِّتَكَ. واسْتَحَبَّ بعضُ أهْلِ العِلْمِ أن يقولَ ما رَوَى جعفرُ بن محمدٍ، عن أبِيهِ، عن جَدِّه، قال: لمَّا تُوُفِّىَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وجَاءَت التَّعْزِيَةُ، سَمِعُوا قائلًا يقولُ: إنَّ في اللهِ عَزَاءً مِن كُلِّ مُصِيبَةٍ، وخَلَفًا مِن كلِّ هَالِكٍ، وَدَرَكًا مِن كلِّ ما فاتَ، فبِاللهِ فثِقُوا، وإيَّاهُ فارْجُوا، فإنَّ المُصَابَ مَن حُرِمَ الثَّوَابَ. رَوَاهُ الشَّافِعِىُّ، في "مُسْنَدِهِ" (٥). وإن عَزَّى مُسْلِمًا بِكَافِرٍ، قال: أعْظَمَ (٦) اللهُ أجْرَكَ، وأحْسَنَ عَزَاءَكَ.

فصل: وَتَوَقَّفَ أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ، عن تَعْزِيَةِ أهْلِ الذِّمَّةِ، وهى تُخَرَّجُ على عِيادَتِهم، وفيها روَايَتانِ: إحْدَاهما، لا نَعُودُهم، فكذلك لا نُعَزِّيهم؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَبْدَأُوهُمْ بالسَّلَامِ" (٧). وهذا في مَعْنَاه. والثانية، نَعُودُهم؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَتَى غُلَامًا مِن اليَهُودِ كان مَرِضَ يَعُودُه، فقَعَدَ عندَ رَأْسِه، فقال له: "أَسْلِمْ". فنَظَرَ إلى أبِيهِ وهو عندَ رَأْسِه، فقال له (٨): أَطِعْ أبا القاسِمِ. فأسْلَمَ، فقامَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو يقولُ: "الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِى أَنْقَذَهُ بِى مِنَ النَّارِ". رَوَاهُ البُخَارِىُّ (٩). فعَلَى هذا نُعَزِّيهم فنقولُ في تَعْزِيَتِهم بمُسْلِمٍ: أَحْسَنَ اللهُ عَزَاءَكَ،


(٥) في: كتاب الجنائز. المسند ١/ ٢١٦.
(٦) في الأصل: "عظم".
(٧) أخرجه مسلم، في: باب النهى عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام. . .، من كتاب السلام. صحيح مسلم ٤/ ١٧٠٧. وأبو داود، في: باب في السلام على أهل الذمة، من كتاب الأدب. سنن أبي داود ٢/ ٤٦٣. والترمذي، في: باب ما جاء في التسليم على أهل الكتاب، من أبواب السير، وفى: باب ما جاء في التسليم على أهل الذمة، من أبواب الاستئذان. عارضة الأحوذى ٧/ ١٠٣، ١٠/ ١٧٥. وابن ماجه، في: باب رد السلام على أهل الذمة، من كتاب الأدب. سنن أبن ماجه ٢/ ١٢١٩. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٦٣، ٢٦٦، ٣٤٦، ٤٤٤، ٤٥٩، ٥٢٥، ٤/ ١٤٤، ٢٣٣، ٦/ ٣٩٨.
(٨) سقط من: الأصل، أ.
(٩) في: باب إذا أسلم الصبى فمات هل يصلى عليه. . .، من كتاب الجنائز، وفى: باب عيادة المشرك، من كتاب المرضى. صحيح البخاري ٢/ ١١٨، ٧/ ١٥٢. كما أخرجه أبو داود، في: باب في عيادة الذمى، =

<<  <  ج: ص:  >  >>