للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّافِذِ. ولَنا، أنَّه بِنَاءٌ في هَوَاءِ مِلْكِ قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ، أشْبَه ما لو لم يكن له (٨٠) فيه بَابٌ، ولا نُسَلِّمُ الأَصْلَ الذى قَاسُوا عليه. فأما إن أَذنَ أهْلُ الدَّرْبِ فيه، جَازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهم، فجَازَ بِإِذْنِهم، كما لو كان المالِكُ واحدًا. وإن صَالَحَ أهْل الدَّرْبِ من ذلك على عِوَضٍ مَعْلُومٍ، جَازَ. وقال القاضِى، وأصْحَابُ الشَّافِعِىِّ: لا يجوزُ؛ لأنَّه بَيْعٌ لِلْهَوَاءِ دون القَرَارِ. ولَنا، أنَّه يَبْنِى فيه بإذْنِهِم، فجَازَ، كما لو أَذِنُوا له بغيرِ عِوَضٍ، ولأنَّه مِلْكٌ لهم، فجَازَ لهم أخْذُ عِوَضِه، كالقَرَارِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّما يَجوزُ بشَرْطِ كَوْنِ ما يُخْرِجُه مَعْلُومَ المِقْدَارِ فى الخُرُوج والعُلُوِّ، وهكذا الحُكْمُ فيما إذا أخْرَجَه إلى مِلْكِ إنْسَانٍ مُعَيَّنٍ، لا يجوزُ بغير إِذْنِه، ويجوزُ بِإِذْنِه، بِعوَضٍ وبغيرِه، إذا كان مَعْلُومَ المِقْدَارِ. واللَّه أعلمُ.

فصل: ولا يجوزُ أن يَحْفِرَ فى الطَّرِيقِ النَّافِذَةِ بِئْرًا لِنَفْسِه، سواءٌ جَعَلَها لِمَاءِ المَطَرِ، أو لِيَسْتَخْرِجَ منها ما يَنْتَفِعُ به، ولا غير ذلك؛ لما ذَكَرْنَا من قبلُ. وإن أرَادَ حَفْرَهَا لِلْمُسْلِمِينَ ونَفْعِهم (٨١) أو لِنَفْعِ الطَّرِيقِ، مثل أن يَحْفِرَهَا لِيَسْتَقِىَ الناسُ من مَائِها، ويَشْرَبَ منه المارَّةُ، أو لِيَنْزِلَ فيها مَاءُ المَطَرِ عن الطَّرِيقِ، نَظَرْنَا، فإن كان الطَّرِيقُ ضَيِّقًا، أو يَحْفِرُها فى مَمَرِّ الناس بحيثُ يُخَافُ سُقُوطُ إنْسِانٍ فيها أو دَابَّةٍ، أو يُضَيِّقُ عليهم مَمَرَّهم، لم يَجُزْ ذلك؛ لأن ضَرَرَهَا أكْثَرُ من نَفْعِهَا، وإن حَفَرَها فى زَاوِيَةٍ فى (٨٢) طرِيقٍ واسِعٍ، وجَعَلَ عليها ما يَمْنَعُ الوُقُوعَ فيها، جَازَ؛ لأنَّ ذلك نَفْعٌ بلا ضَرَر، فجَازَ، كتَمْهِيدِها، وبِنَاءِ رَصِيفٍ فيها، فأمَّا (٨٣) فِعْلُه فى دَرْبٍ غيرِ نافِذٍ، فلا يجوزُ إلَّا بإذْنِ أهْلِه؛ لأنَّ هذا مِلْكٌ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ، فلم يَجُزْ فِعْلُ ذلك بغيرِ إذْنِهم. كما لو فَعَلَهُ فى بُسْتانِ إِنْسِانٍ. ولو صَالَحَ أَهلَ الدَّرْبِ عن ذلك بِعِوَضٍ، جَازَ، سواءٌ حَفَرَها لِنَفْسِه


(٨٠) سقط من: الأصل.
(٨١) فى أ: "لنفعهم".
(٨٢) فى ب: "من".
(٨٣) فى أ، م زيادة: "ما".

<<  <  ج: ص:  >  >>