للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: فأمَّا الوَلِىُّ في النِّكاحِ، فله التَّوْكِيلُ في تَزْوِيج مُولِّيَتِه بغيرِ إِذْنِها، أَبًا كان أو غيره. وقال القاضي في مَن وِلَايَتُه غير وِلَايةِ الإِجْبَارِ: هو كالوَكِيلِ، يُخَرَّجُ على الرِّوَايَتَيْنِ المَنْصُوصِ عليهما في الوَكِيلِ. ولأَصْحابِ الشَّافِعِىِّ فيه وَجْهَانِ؛ أحَدُهُما، لا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ إلَّا (١٠) بإِذْنِها؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ إلَّا بإِذْنِها، أشْبَه الوَكِيلَ. ولَنا، أنَّ وِلَايَتَهُ من غيرِ جِهَتِها، فلم يُعْتَبَرْ إِذْنُها في تَوْكِيلِه فيها، كالأَبِ، بخِلَافِ الوَكِيلِ، ولأنَّه يَتَصَرَّفُ (١١) بِحُكْمِ الوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ، أشْبَهَ الحاكِمَ، ولأنَّ الحاكِمَ يَمْلِكُ تَفْوِيضَ عُقُودِ الأَنْكِحَةِ إلى غيرِه بغيرِ إِذْنِ النِّسَاءِ، فكذلك الوَلِىُّ. وما ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بالحاكِمِ. والذي يُعْتَبَرُ إِذْنُها فيه هو غيرُ ما يُوَكَّلُ فيه، بِدَلِيلِ أنَّ الوَكِيلَ لا يَسْتَغْنِى عن إِذْنِها له في التَّزْوِيجِ أيضًا، فهو كالمُوَكَّلِ في ذلك.

فصل: إذا أَذِنَ المُوَكِّلُ في التَّوْكِيلِ، فوَكَّلَ، كان (١٢) الوَكِيلُ الثاني وَكِيلًا لِلْمُوَكِّلِ (١٣)، لا يَنْعَزِلُ بمَوْتِ الوَكِيلِ الأَوَّلِ، ولا عَزْلِه، ولا يَمْلِكُ الأَوَّلُ عَزْلَ الثانِى؛ لأنَّه ليس بِوَكِيلِه. وإن أَذِنَ له أن يُوَكّلَ لِنَفْسِه، جازَ، وكان وَكِيلًا لِلمُوَكَّلِ (١٤) يَنْعَزِلُ بمَوْتِه وعَزْلِه إيَّاه، وإن ماتَ المُوَكَّلُ، أو عُزِلَ الأَوَّلُ، انْعَزَلَا جميعا؛ لأنَّهما فَرْعانِ له، لكنَّ أحَدَهما فَرْعٌ للآخَرِ، فذَهَبَ حُكْمُهما بذَهابِ أصْلِهما. وإن وَكَّلَ من غيرِ أن يُؤْذَنَ له في التَّوْكِيلِ نُطْقًا، بل وُجِدَ عُرْفًا، أو على الرِّوَايةِ التي أجَزْنَا له التَّوْكِيلَ من غيرِ إِذْنٍ، فالثانى وَكِيلُ الوَكِيلِ الأَوَّلِ، حُكْمُه حُكْمُ ما لو أَذِنَ له أن يُوَكِّلَ لِنَفْسِه.


(١٠) في الأصل: "بغير".
(١١) في الأصل: "متصرف".
(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) في م زيادة: "لأنه".
(١٤) في الأصل: "للوكيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>