للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما رُزِقْنَا أَنْ نَسْتُرَ الجُدُرَ (٤٨). إذا ثبتَ هذا، فإنَّ ستْرَ الحيطانِ مَكْرُوهٌ غيرُ مُحَرَّمٍ. وهذا مذهبُ الشَّافعىِّ؛ إذ لم يثبتْ فى تَحْريمِه دليلٌ، وقد فعلَه ابنُ عمرَ، وفُعلَ فى زَمنِ الصَّحابةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، وإنَّما كُرِهَ لما فيه من السَّرَفِ، كالزِّيادةِ فى المَلْبوسِ، [والسَّرَفِ فى المأكولِ] (٤٩). وقد قيلَ: هو مُحَرَّمٌ؛ للنَّهْى عنه. والأوَّلُ أوْلَى؛ فإنَّ النَّهْىَ لم يثْبُتْ، ولو ثبتَ يُحْمَلُ (٥٠) على الكراهةِ؛ لما ذكَرْنَاه.

فصل: وسُئلَ أحمدُ عن السُّتُورِ فيها القرآنُ؟ فقال: لا يَنْبَغِى أَنْ يكونَ شيئًا مُعلَّقًا فيه القرآنُ، يُستهانُ به، ويُمْسَحُ به. قيل له: فيُقْلَعُ؟ فكَرِهَ أن يُقلعَ القرآنُ، وقال: إذا كان سِتْرٌ فيه ذِكرُ اللَّهِ تعالى، فلا بأسَ به (٥١). وكَرِهَ أن يُشْترَى الثَّوبُ فيه ذِكْرُ اللَّهِ، ممَّا يُجلَسُ عليه أو يُداسُ.

فصل: قيلَ لأبى عبدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ يَكْتَرِى البيتَ فيه تصاويرُ، تَرَى أَنْ يحُكَّها؟ قال: نعم. قال الْمَرُّوذِىُّ: قلتُ لأبى عبدِ اللَّهِ: دخلتُ حمَّامًا، فرأيتُ صورةً، أتَرَى أَنْ أحُكَّ الرَّأسَ؟ قال: نعم. إنَّما جازَ ذلك لأنَّ اتَّخاذَ الصُّورةِ مُنْكَرٌ، فجازَ تغييرُها، كآلةِ اللَّهوِ والصَّليبِ، والصَّنَمِ، ويُتلَفُ منها ما يُخرِجُها عن حَدِّ الصُّورةِ، كالرَّأس ونحوِه؛ لأنَّ ذلك يكْفِى. قال أحمدُ: ولا بأسَ باللُّعَبِ ما لم تكُنْ صورةً؛ لما رُوِىَ عن عائشةَ، قالت: دخلَ علَىَّ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا ألْعَبُ باللُّعَبِ، فقال: "مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ ". فقلتُ: هذه خَيْلُ سليمانَ. فجعلَ يضحكُ. [رَواه مُسْلِمٌ بنَحْوِه] (٥٢).

فصل: والدُّفُّ ليسَ بمُنْكَرٍ؛ لما ذكَرنا من الأحاديثِ فيه، وأمرَ النَّبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- به فى


(٤٨) انظر ما تقدم تخريجه عن عائشة فى صفحة ٢٠٠، والمسند ٦/ ٢٤٧.
(٤٩) فى الأصل، ب، م: "والمأكول".
(٥٠) فى أ، ب، م: "لحمل".
(٥١) سقط من: الأصل.
(٥٢) سقط من: الأصل. وأخرجه مسلم، فى: باب فى فضل عائشة رضى اللَّه عنها، من كتاب فضائل الصحابة. صحيح مسلم ٤/ ١٨٩٠ - ١٨٩١.
وأخرجه أبو داود، فى: باب فى اللعب بالبنات. من كتاب الأدب. سنن أبى داود ٢/ ٥٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>