للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَضِيبٌ (٢٠) مِنْ أرَاكٍ" (٢١). وروَاه الجُوزَجانِىُّ. وبهذا قال مالكٌ، والشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: مَنافِعُ الحُرِّ لا تكونُ صَدَاقًا؛ لأنَّها ليست مالًا، وإنَّما قال اللَّه تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِى ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (٢٢). والحديثُ الذى ذَكَرْناه. ولأنَّها مَنْفَعةٌ يجوزُ العِوَضُ عنها فى الإِجَارةِ، فجازتْ صَدَاقًا، كمَنْفَعةِ العَبْدِ. وقولُهم: ليستْ مالًا. مَمْنُوعٌ؛ فإنَّها تجوزُ المُعاوَضةُ عنها وبها. ثم إن لم تَكُنْ مالًا، فقد أُجْرِيَتْ مُجْرَى المالِ فى هذا، فكذلك فى النِّكاحِ. وقد نقل مُهَنَّا، عن أحمدَ: إذا تَزَوَّجَها على أن يَخْدُمَها سَنَةً أو أكثرَ، كيف يكونُ هذا؟ قيل له: فامْرَأةٌ يكونُ (٢٣) لها ضِيَاعٌ وأَرضُونَ، لا تَقْدِرُ على أن تَعْمُرَها؟ قال: لا يَصْلُحُ هذا. قال أبو بكر: إن كانت الخِدْمةُ مَعْلُومةً جازَ، وإن كانت مجهولةً لا تَنْضَبِطُ (٢٤) فلها صَدَاقُ مِثْلِها. كأنَّه تَأَوَّلَ مسألةَ مُهَنَّا على أَنَّ الخِدْمةَ مَجْهُولةٌ، فلذلك لم يَصِحَّ. ونقل أبو طالبٍ، عن أحمدَ: التَّزْويجُ على بِنَاءِ الدارِ، وخِياطةِ الثَّوْبِ، وعملِ شىءٍ، جائزٌ؛ وذلك (٢٥) لأنَّه معلومٌ يجوزُ أخْذُ العِوَضِ عنه، فجاز أن يكونَ صَدَاقًا كالأعْيانِ. ولو تَزَوَّجَها على أن يَأْتِيَها بعَبْدِها الآبِقِ مِن مكانٍ مُعَيَّنٍ، صَحَّ؛ لأنَّه عملٌ معلومٌ يجوزُ أخْذُ الأُجْرَةِ (٢٦) عنه. وإن أصْدَقَها الإِتْيانَ به أين كان، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه مَجْهُولٌ.

فصل: ولو نَكَحَها على أن يَحُجَّ بها، لم تَصِحَّ التَّسمِيةُ. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال النَّخَعِىُّ، ومالكٌ، والثَّورىُّ، والأوْزَاعىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ، وأبو عُبَيْدٍ: يَصِحُّ. ولَنا، أَنَّ الْحُمْلانَ مَجْهُولٌ، لا يُوقَفُ له على حَدٍّ، فلم يَصِحَّ، كما لو أصْدَقَها شيئا.


(٢٠) فى م: "قضيبا".
(٢١) تقدم تخريجه فى صفحة ٩٨.
(٢٢) سورة القصص ٢٧.
(٢٣) سقط من: أ، ب، م.
(٢٤) فى أ، ب، م: "تضبط".
(٢٥) سقط من: م.
(٢٦) فى ب: "العوض".

<<  <  ج: ص:  >  >>