للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّفِيعَ يُبْطِلُ الهِبَةَ، ويَأْخُذُ الشِّقْصَ بحُكْمِ العَقْدِ الأوَّلِ، ولو لم يكن وَهَبَ، كان الثمنُ له، كذلك بعدَ الهِبَةِ المَفْسُوخةِ.

فصل: فإن جَعَلَه صَدَاقًا، أو عِوَضًا في خُلْعٍ أو صُلْحٍ عن دَمٍ (١١) عَمْدٍ، انْبَنَى ذلك على الوَجْهَيْنِ في الأَخْذِ بالشُّفْعةِ.

فصل (١٢): فإن قايَلَ البائِعُ المُشْتَرِىَ، أو رَدَّه (١٣) عليه بِعَيْبٍ، فلِلشَّفِيعِ فَسْخُ الإِقَالةِ والرَّدِّ، والأخْذُ بالشُّفْعةِ؛ لأنَّ حَقَّهُ سابِقٌ عليهما، ولا يُمْكِنُه الأَخْذُ معهما. وإن تَحالَفَا على الثّمَنِ، وفَسَخَا البَيْعَ، فلِلشَّفِيعِ أن يَأْخُذَ الشِّقْصَ بما حَلَفَ عليه البائِعُ؛ لأنَّ البائِعَ مُقِرٌّ بالبَيْعِ بالثمنِ الذي حَلَفَ عليه، ومُقِرٌّ لِلشَّفِيعِ باسْتِحْقاقِ الشُّفْعةِ بذلك، فإذا بَطَلَ حَقُّ المُشْتَرِى بإنْكارِه، لم يَبْطُلْ حَقُّ الشَّفِيعِ بذلك، وله أن يُبْطِلَ فَسْخَهُما ويَأْخُذَ؛ لأنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ.

فصل: وإن اشْتَرَى شِقْصًا بِعَبْدٍ، ثم وَجَدَ بائِعُ الشِّقْصِ بالعَبْدِ عَيْبًا، فله رَدُّ العَبْدِ واسْتِرْجاعُ الشِّقْصِ، ويُقَدَّمُ على حَقِّ الشَّفِيعِ؛ لأنَّ في تَقْدِيِم حَقِّ الشَّفِيعِ إضْرَارًا بالبائِعِ، بإسْقاطِ حَقِّه في (١٤) الفَسْخِ الذي اسْتَحَقَّه، والشُّفْعَةُ (١٥) تَثْبُتُ لإِزَالةِ الضَّرَرِ، فلا تَثْبُتُ على وَجْهٍ يَحْصُلُ بها الضَّرَرُ، فإن الضَّرَرَ لا يُزَالُ بالضَّرَرِ. وقال أصْحابُ الشّافِعِىِّ، في أحدِ الوَجْهَيْنِ: يُقَدَّمُ حَقُّ الشَّفِيعِ؛ لأنَّ حَقَّه أسْبَقُ، فوَجَبَ تَقْدِيمُه، كما لو وَجَدَ المُشْتَرِى بالشِّقْصِ عَيْبًا فرَدَّهُ. ولَنا، أنَّ في الشُّفْعةِ إبْطالَ حَقِّ البائِعِ، وحَقُّه أسْبَقُ؛ لأنَّه اسْتَنَدَ إلى وُجُودِ العَيْبِ، وهو مَوْجُودٌ حالَ البَيْعِ، والشُّفْعةُ ثَبَتَتْ بالبَيْعِ، فكان حَقُّ البائِعِ سابِقًا، وفى الشُّفعةِ إِبْطالُه، فلم تَثْبُتْ، ويُفارِقُ (١٦) ما


(١١) سقط من: الأصل، ب.
(١٢) سقط من: م.
(١٣) في الأصل، ب: "رد".
(١٤) في الأصل، م: "من".
(١٥) في م زيادة: "لا".
(١٦) في ب: "وفارق".

<<  <  ج: ص:  >  >>