السَّبُعُ، فعلى المُحْرِمِ جَزَاؤُهُ مَجْرُوحًا، وإن كان السَّابِقُ المُحْرِمُ، فعليه جَزَاءُ جَرْحِه، على ما مَضَى، وإن كان جَرْحُهما في حَالٍ واحِدَةٍ، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، على المُحْرِمِ بِقِسْطِهِ، كما لو كان شَرِيكُه مُحْرِمًا؛ لأنَّه إنَّما أتْلَفَ البَعْضَ. والثانى، عليه جَزاءُ جَمِيعِه؛ لأنَّه تَعَذَّرَ إيجابُ الجَزاءِ على شَرِيكِه، فأشْبَهَ ما لو كان أحَدُهما دَالًّا والآخَرُ مَدْلُولًا، أو أحَدُهما مُمْسِكًا والآخَرُ قَاتِلًا، فإنَّ الجَزاءَ على المُحْرِمِ أيِّهما كان، لِتَعَذُّرِ إيجابِ الجَزاءِ على الآخَرِ.
فصل: وإن اشْتَرَكَ حَرَامٌ وحَلالٌ في صَيْدٍ حَرَمِىٍّ، فالجَزاءُ بينهما نِصْفَيْنِ؛ لأنَّ الإِتْلافَ يُنْسَبُ إلى كُلِّ واحِدٍ منهما نِصْفُه، ولا يَزْدادُ الوَاجِبُ على المُحْرِمِ باجْتِماعِ حُرْمَةِ الإِحْرامِ والحَرَمِ، فيكونُ الواجِبُ على كلِّ واحِدٍ منهما النِّصْفَ، وهذا الاشْتِراكُ الذي هذا حُكْمُه هو الذي يَقَعُ به (١١) الفِعْلُ منهما معا، فإن سَبَقَ صاحبَه، فَحُكْمُه ما ذَكَرْناهُ فيما مَضَى.
فصل: إذا أحْرَمَ الرجلُ، وفي مِلْكِه صَيْدٌ، لم يَزُلْ مِلْكُه عنه، ولا يَدُهُ الحُكْمِيَّةُ، مثلُ أن يكونَ في بَلَدِه، أو في يَدِ نائِبٍ له في غيرِ مَكانِه. ولا شىءَ عليه إن ماتَ، وله التَّصَرُّفُ فيه بِالبَيْعِ والهِبَةِ وغيرِهما. ومَن غَصَبَه لَزِمَهُ رَدُّه، ويَلْزَمُه إزَالَةُ يَدِهِ المُشاهَدَة عنه. ومَعْنَاهُ إذا كان في قَبْضَتِه، أو رَحْلِه، أو خَيْمَتِه، أو قَفَصٍ معه، أو مَرْبُوطًا بِحَبْلٍ معه، لَزِمَهُ إرْسَالُه. وبهذا قال مالِكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال الثَّوْرِىُّ: هو ضَامِنٌ لما في بَيْتِه أيضا. وحُكِىَ نحوُ ذلك عن الشَّافِعِيِّ. وقال أبو ثَوْرٍ: ليس عليه إرْسالُ ما في يَدِهِ. وهو أحَدُ قَوْلَى الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه في يَدِهِ، أشْبَهَ ما لو كان في يَدِهِ الحُكْمِيَّةِ، ولأنَّه لا يَلْزَمُ من مَنْعِ ابْتِداءِ الصَّيْدِ المَنْعُ من اسْتِدامَتِه؛ بِدَلِيلِ الصَّيْدِ في الحَرَمِ. ولَنا، على أنَّه لا يَلْزَمُه إزالَةُ يَدِهِ الحُكْمِيَّةِ، أنَّه لم يَفْعَلْ في الصَّيْدِ فِعْلًا، فلم يَلْزَمْهُ شىءٌ، كما لو كان في مِلْكِ غيرِه، وعَكْسُ هذا إذا كان في يَدِهِ المُشاهَدَة، فإنَّه فَعَلَ الإِمْساكَ في الصَّيْدِ،