للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديثِ. قال الحسنُ: يقولُ: بسم اللَّه، واللَّه أَكْبَر، هذا مِنْكَ ولَكَ، تَقَبَّلْ من فلانٍ. وكَرِهَ أهلُ الرَّأْى هذا. وقد ذَكَرْناه فى التى قَبْلَها.

فصل: وإِنْ عَيَّنَ أُضْحِيَةً، فذَبَحَها غيرُه بغيرِ إذْنِه، أَجْزَأَت عن صاحِبِها، ولا ضَمانَ على ذابِحِها. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال مالِك: هى شاةُ لحْمٍ، لصاحِبِها أرْشُها، وعليه بَدَلُها؛ لأنَّ الذَّبْحَ عبادَةٌ، فإذَا فَعَلَها غيرُ صاحِبِها عنه بغيرِ إذْنِه لم تقَعْ الْمَوقِعَ، كالزكاةِ. وقال الشافِعِىُّ: تُجْزِئ عن صاحِبِها، وله على ذابِحِها أرْشُ ما بين قِيمَتِها صحيحةً ومَذْبُوحةً؛ لأنَّ الذَّبْحَ أحدُ مَقْصُودَى الهَدْى، فإذا فَعَلَه فاعِلٌ بغيرِ إذْنِ المُضَحِّى، ضَمِنَه، كتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ. ولَنا، على مالِك، أنَّه فِعْلٌ لا يَفْتَقِرُ (١) إلى النِّيَّةِ، فإذا فعَلَه غيرُ الصاحِبِ أَجزأَ عنه، كغَسْلِ ثوبِه منْ النَّجاسَةِ. وعلى الشافِعِىِّ، أَنَّها أُضْحِيَةٌ أجْزَأَت عن صاحِبِها، ووَقَعَت مَوْقِعَها، فلم يضْمَنْ ذابِحُها، كما لو كان بإذْنٍ، ولأنَّه إراقَةُ دم تَعَيَّنَ إرَاقَتُه لحقِّ اللَّه تعالَى، فلم يضْمَنْ مُرِيقُه، كقاتِلِ المُرْتَدِّ بغيرِ إذنِ الإِمامِ، ولأَنّ الأرْشَ لو وجَبَ، فإنَّما يجبُ ما بينَ كَوْنِها مُسْتحَقَّةَ الذَّبْحِ فى هذه الأيامِ متعيِّنَةً له، وما [بين كونِها] (٢) مذبوحَةً، ولا قيمةَ لهذه الحياةِ، ولا تَفاوُتَ بين القِيمَتَيْنِ، فتعذّرَ وُجودُ الأرْشِ ووُجوبُه، ولأنَّه (٣) لو وجَبَ الأرْشُ لم يَخْلُ؛ إمَّا أَنْ يجبَ للمُضَحِّى، أو للفقراءِ، لا جائزٌ أَنْ يجبَ للفقراءِ؛ لأَنَّهم إنما يَسْتَحِقُّونها مَذْبوحَةً، ولو دَفَعها إليهم فى الحياةِ لم يَجُزْ، ولا جائزٌ أَنْ يجبَ له؛ لأنَّه لا يجوزُ أَنْ يأخُذَ بدلَ شىءٍ منها، كعُضْوٍ من أعضائِها، ولأنَّهم وافَقُونا فى أَنَّ الأرْشَ لا يُدْفَعُ إليه، فيتَعَذَّرُ إيجابُه، لعَدَمِ مُسْتَحِقِّه.

فصل: وإذا (٤) نذرَ أُضْحِيَةً فى ذِمَّتِه، ثم ذَبَحها، فله أَنْ يأكُلَ منها. وقال القاضِى: من أصحابِنا مَنْ مَنَعَ الأَكْلَ منها. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمد، وبَناهُ على الهَدْى المَنْذُورِ. ولَنا، أَنَّ النَّذْرَ محمولٌ على المعهودِ، والمَعْهُودُ من الأُضْحِيَةِ الشَّرعِيَّةِ ذَبْحُها، والأَكْلُ


(١) فى م: "يفترق".
(٢) فى الأصل، أ، ب: "بينها".
(٣) سقطت الواو من: م.
(٤) فى م: "وإن".

<<  <  ج: ص:  >  >>