للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن محمدِ بنِ عَمْرِو بنِ المُصْطَلِقِىِّ (٢) الخُزَاعِىّ، أنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بالنَّاسِ صلاةَ الفَجْرِ، فلمَّا أصْبَحَ وارْتَفَعَ النَّهَارُ فإذا هو بأثَرِ الجَنَابَةِ. فقال: كَبُرَتْ واللهِ، كَبُرَتْ واللهِ. فأعادَ الصَّلاةَ، ولم يَأْمُرْهُم أن يُعِيدُوا. وعن عَلِيٍّ، أنَّه قال: إذا صَلَّى الجُنُبُ بالقَوْمِ فأتَمَّ بهم الصَّلاةَ آمُرُه أن يَغْتَسِلَ ويُعِيدَ، ولا آمُرُهم أن يُعِيدُوا. وعن ابنِ عمرَ، أنَّه صَلَّى بهم الغَدَاةَ، ثم ذَكَرَ أنه صَلَّى بغيرِ وُضُوءٍ، فأعَادَ ولم يُعِيدُوا. رَوَاهُ كُلَّهُ الأثْرَمُ. وهذا في مَحَلِّ الشُّهْرَةِ، ولم يُنْقَلْ خِلافُه، فكان إجْماعًا، ولم يَثْبُتْ ما نُقِلَ عن عَلِيٍّ في خِلافِه، وعن البَرَاءِ بن عَازِبٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إذا صَلَّى الجُنُبُ بالقَوْمِ، أعَادَ صَلاتَه، وتَمَّتْ لِلْقَوْمِ صَلاتُهُم". أخْرَجَه أبو سليمانَ محمدُ بن الحسين (٣) الحَرَّانِىّ، في "جُزْءٍ". ولأنَّ الحَدَثَ ممَّا يَخْفَى، ولا سَبِيلَ لِلْمَأْمُومِ إلى مَعْرِفَتِه من الإِمامِ، فكان مَعْذُورًا في الاقْتِدَاءِ به، ويُفَارِقُ ما إذا عَلِمَ (٤) الإِمَامُ حَدَثَ نَفْسِه؛ لأنَّه يكونُ مُسْتَهْزِئًا بالصَّلاةِ، فاعِلًا ما (٥) لا يَحِلُّ. وكذلك إنْ عَلِمَ المَأْمُومُ، فإنَّه لا عُذرَ له في الاقْتِدَاءِ به. وقِياسُ المَعْذُورِ على غيرِه لا يَصِحُّ، والحُكْمُ في النَّجَاسَةِ كالحُكْمِ في الحَدَثِ سَوَاء؛ لأنَّها إحدَى الطَّهَارَتَيْنِ، فأشْبَهَت الأُخْرَى، ولأنَّها في مَعْناها في خَفَائِها على الإِمامِ والمَأْمُومِ، بل حكْمُ النَّجَاسَةِ أخَفُّ، وخَفاؤُها أَكْثَرُ، إِلَّا أنَّ في النَّجَاسَةِ رِوَايَةً أُخْرَى، أنَّ صَلاةَ الإِمامِ تَصِحُّ أيضًا، إذا نَسِيَها.

فصل: إذا عَلِمَ بِحَدَثِ نَفْسِه في الصَّلاةِ، أو عَلِمَ المَأْمُومُونَ، لَزِمَهُم اسْتِئْنَافُ الصَّلاةِ. نَصَّ عليه (٦). قال الأَثْرَمُ: سألْتُ أبا عبدِ اللهِ، عن رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ وهو


(٢) في أ، م: "المصطلق". وانظر: اللباب ٣/ ١٤٦.
(٣) في م: "الحسن". ولم نجد له ترجمة.
(٤) في م: "كان على".
(٥) في م: "لما".
(٦) أي الإمام أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>