للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعدُ، فلها ذلك. وذَكَر القاضى أنَّه على الفَوْرِ. وهو مذهبُ الشافعىِّ. فمتى أخَّرَ الفَسْخَ مع العِلْمِ والإِمكانِ، بَطَلَ خِيارُه؛ لأنَّه خِيارُ الرَّدِّ بالعَيْبِ. فكان على الفَوْرِ، كالذى فى البَيْعِ. ولَنا، أنَّه خِيارٌ (٤٠) لدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ، فكان على التَّرَاخِى، كخِيارِ القِصَاصِ، وخِيارُ العَيْبِ فى المَبِيعِ يَمْنَعُه، ثم الفرق بينهما أنَّ ضَرَرَه فى الْمَبِيعِ غيرُ مُتَحَقِّقٍ (٤١)؛ لأنَّه قد يكونُ المقصودُ مالِيَّتَه أو خِدْمَتَه، ويَحْصُلُ ذلك مع عَيْبِه. وههُنا المقصودُ الاسْتِمْتاعُ، ويَفُوتُ ذلك بِعَيبِه. وأمَّا خِيارُ المُجْبَرةِ والشُّفْعَةِ والمَجْلِسِ، فهو لِدَفْعِ ضَرَرٍ غيرِ مُتَحَقِّقٍ.

فصل: ويَحتاجُ الفسخُ إلى حُكْمِ حاكمٍ؛ لأنَّه مُجْتَهَدٌ فيه، فهو كفَسْخِ العُنَّةِ، والفَسْخِ للإعْسارِ بالنَّفَقةِ. ويخالفُ خِيارَ المُعْتَقَةِ؛ فإنَّه مُتَّفَقٌ عليه.

١١٨١ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا فَسَخَ قَبْلَ الْمَسِيسِ، فَلَا مَهْرَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدهُ، وادَّعَى أنَّهُ مَا عَلِمَ، حَلَفَ، وكَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ، وعَلَيْهِ المَهْرُ، يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ)

الكلامُ فى هذه المسألةِ فى فصولٍ أربعة:

أحدها: أَنَّ الفَسْخَ إذا وُجِدَ قبلَ الدُّخولِ، فلا مَهْرَ لها عليه، سواءٌ كان من الزَّوْجِ أو المرأةِ. وهذا قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّ الفَسْخَ إن كان منها، فالفُرْقَةُ من جِهَتِها، فسَقَطَ مَهْرُها، كما لو فَسَخَتْهُ (١) بِرَضَاعِ زَوجةٍ له أُخْرَى، وإن كان منه، فإنَّما فَسَخَ لعَيْبٍ بها دَلَّسَتْه بالإِخْفاءِ، فصار الفَسْخُ كأنَّه منها. فإن قيل: فهَلَّا جَعَلْتُمْ فَسْخَها لِعَيْبِه (٢)،


(٤٠) فى م زيادة: "له".
(٤١) فى الأصل: "محقق".
(١) فى أ، م: "فسخه".
(٢) فى أ، م: "لعيب".

<<  <  ج: ص:  >  >>