للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٢٠ - مسألة؛ قال أبو القاسم، رحمه اللَّه: (وإذَا وُجِدَ قَتِيلٌ، فَادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ عَلَى قَوْمٍ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ، لَمْ يُحْكَمْ لَهُمْ بِيَمِينٍ، وَلَا غَيْرِهَا)

الكلامُ فِي هذه المسألةِ في فَصْليْنِ:

الأولُ: في أنَّه إذا وُجِدَ قتيلٌ في مَوْضِعٍ، فادَّعَى أوْلياؤُه قَتْلَه على رجلٍ، أو جماعةٍ، ولم تكُنْ بينهم عداوةٌ، ولا لَوْثٌ (١)، فهي كسائرِ الدَّعاوَى، إن كانتْ لهم بَيِّنَةٌ، حُكِمَ لهم بها، وإلَّا فالقولُ قولُ المُنْكِرِ. وبهذا قال مالكٌ، والشَّافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ وأصْحابُه: إذا ادَّعَى أَوْلياؤُه قَتْلَه على أهلِ المَحَلَّةِ، أو على مُعَيَّنٍ، فلِلْوَلِيِّ أن يخْتارَ من المَوْضِعِ خمسينَ رجلًا، يحْلِفونَ خمسينَ يَمِينًا: واللهِ ما قَتَلْناه، ولا عَلِمْنا قاتِلَهُ. فإنْ نَقصُوا على الخمسينَ، كُرِّرَتِ الأيْمانُ عليهم حتى تَتِمَّ، فإذا حَلَفُوا، وجَبتِ الدِّيَةُ على باقي الخِطَّةِ، فإن لم يكُنْ، وجَبتْ على سُكَّانِ المَوْضعِ، فإن لم يَحْلِفُوا، حُبِسُوا حتى يَحْلِفُوا أو يُقِرُّوا؛ لما رُوِىَ، أنَّ رَجُلًا وُجِد قتيلًا بين حَيَّيْن، فحلَّفهم عمرُ، رَضِيَ اللهُ عنه، خمسينَ يَمِينًا، قضَى بالدِّيَةِ على أقْرَبِهما. يعْني أقْربَ الحَيَّيْن، فقالوا: واللهِ ما وَقَتْ أيمانُنا أمْوالَنَا، ولا أمْوالُنا أيْمانَنا، فقال عمرُ: حَقَنْتُم بأمْوالِكم دِماءَكم (٢). ولَنا، حديثُ عبدِ اللهِ بنِ سَهْلٍ (٣)، وقولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ أُعْطِيَ الْنَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى قَومٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأمْوَالَهُمْ، وَلَكِن الْيَمينَ عَلَى الْمُدَّعَى


= والترمذي، في: باب ما جاء في القسامة، من أبواب الديات. عارضة الأحوذي ٦/ ١٩٢ - ١٩٤. والنسائي، في: باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر سهل فيه، من كتاب القسامة ٨/ ٦ - ١٢. وابن ماجه، في: باب القسامة، من كتاب الديات، سنن ابن ماجه ٢/ ٨٩٢، ٨٩٣. والإِمام مالك، في: باب تبرئة أهل الدم في القسامة، من كتاب القسامة. الموطأ ٢/ ٨٧٧. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٢، ٣، ١٤٢.
(١) اللوث: الشر والمطالبات بالأحقاد.
(٢) أخرجه البيهقي، في: باب أصل القسامة. . ., من كتاب القسامة. السنن الكبرى ٨/ ١٢٤.
(٣) الذي تقدم في أول الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>