للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وتُكْرَهُ الصلاةُ في المَقْصُورَةِ التي تُحْمَى. نَصَّ عليه أحمدُ، وَرُوِيَ عن ابنِ عمرَ أنَّه كان إذا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، وهو في المَقْصُورَةِ، خَرَجَ. وكَرِهَهُ الأحْنَفُ، وابنُ مُحَيْرِيزٍ، والشَّعْبِيُّ، وإسحاقُ. ورَخَّصَ فيها أنَسٌ، والحسنُ، والحسينُ، والقَاسِمُ، وسَالِمٌ، ونَافِعٌ؛ لأنَّه مَكانٌ من الجامِعِ، فلم تُكْرَه الصَّلَاةُ فيه، كسائِرِ المَسْجِدِ. وَوَجْهُ الأوَّل، أنَّه يُمْنَعُ النَّاسُ من الصلاةِ فيه، فصار (٤٢) كالمَغْصُوبِ، فَكُرِهَ لذلك. فأمَّا إن كانت لا تُحْمَى، فيَحْتَمِلُ أن لا تُكْرَهَ الصلاةُ فيها؛ لِعَدَمِ شَبَهِ الغَصْبِ. ويَحْتَمِلُ أن تُكْرَهَ؛ لأنَّها تَقْطَعُ الصُّفُوفَ، فأشْبَهَتْ ما بين السَّوارِي. واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عن أحمدَ في الصَّفِّ الأَوَّل، فقال في مَوْضِعٍ: هو الذي يَلِي المَقْصُورَة؛ لأنَّ المَقْصُورَةَ تُحْمَى. وقال: ما أدْرِى هل الصَّفُّ الأَوَّلُ الذي يَقْطَعُه المِنْبَرُ، أو الذي يَلِيه؟ والصَّحِيحُ أنَّه الذي يَقْطَعُه المِنْبَرُ؛ لأنَّه هو الأوَّلُ في الحَقِيقَةِ، ولو كان الأَوَّلُ ما دُونَه أفْضَى (٤٣) إلى خُلُوِّ ما يَلِي الإِمامَ. ولأنَّ أصْحابَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَلِيه فُضَلاؤُهم، ولو كان الصَّفُّ الأوَّلُ وَرَاءَ المِنْبَرِ، لَوَقَفُوا فيه.

فصل: ويُسْتَحَبُّ لمن نَعَسَ [يَوْمَ الجُمُعَةِ، أن يتحَوَّلَ عن (٤٤) مَوْضِعِه؛ لما رَوَى ابنُ عمرَ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقول: "إذا نَعَسَ] (٤٥) أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ في مَجْلِسِه، فَلْيَتَحَوَّلْ إلَى غَيْرِه". رَوَاه أبو مَسْعُودٍ أحمدُ بن الفُرَاتِ (٤٦)، في "سُنَنِه"، والإِمامُ أحمدُ، في "مُسْنَدِه" (٤٧). ولأنَّ تَحَوُّلَهُ عن


= الإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ١١.
(٤٢) سقط من: م.
(٤٣) في م: "لأفضى".
(٤٤) في الأصل: "من".
(٤٥) سقط من: أ. نقلة نظر.
(٤٦) أبو مسعود أحمد بن الفرات بن خالد الضبي الرازي، أحد كبار حفاظ الحديث، ويروى أنه ألف كتبا كثيرة في المصنف والمسند، توفي سنة ثمان وخمسين ومائتين. تاريخ التراث العربي ١/ ١/ ٢٦١.
(٤٧) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في من نعس يوم الجمعة. . . . إلخ، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذي ٢/ ٣١٦. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٢، ٣٢، ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>