للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجُمْلَتَيْنِ، إنَّما أخْرَجَ من الجُمْلَتَيْنِ معًا مَن اتَّصَفَ بِصِفَةٍ، فنَظِيرُه ما لو قال لِلبَوَّابِ: مَن جَاءَ يَسْتَأْذِنُ فَأْذَنْ له، وأعْطِهِ دِرْهَمًا، إلَّا فُلَانًا. ونَظِيرُ مَسْأَلَتِنا ما لو قال: أَكْرِمْ زَيْدًا وعَمْرًا إلَّا عَمْرًا. وإن قال: له علَىَّ دِرْهَمَانِ وثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ. لم يَصِحَّ أيضًا؛ لأنَّه يَرْفَعُ الجُمْلَةَ الأُولَى كُلَّها، فأشْبَهَ ما لو قال: أَكْرِمْ زَيْدًا وعَمْرًا إلَّا زَيْدًا. وإن قال: له علَىَّ ثَلَاثَةٌ وثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ، خُرِّجَ فيه (٣٠) وَجْهَانِ؛ لأنَّه اسْتَثْنَى أكْثَرَ الجُمْلَةِ التي تَلِيه، واسْتِثْنَاءُ الأَكْثَرِ فاسِدٌ، كاسْتِثْنَاءِ الكُلِّ.

فصل: وإن اسْتَثْنَى اسْتِثْناءً بعد اسْتِثْناءٍ، وعَطَفَ الثاني على الأَوَّلِ، كان مُضَافًا إليه. فإذا قال: له عَلَىَّ عَشرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً، وإلا دِرْهَمَيْنِ. كان مُسْتَثْنِيًا لِخَمْسَةٍ مُبْقِيًا لِخَمْسَةٍ. وإن كان الثاني غيرَ مَعْطُوفٍ على الأَوَّلِ، كان اسْتِثْنَاءً من الاسْتِثْناءِ، وهو جائِزٌ في اللُّغَةِ، قد جاءَ في كلامِ اللهِ تعالى في قوله: {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨) إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ} (٣١). فإذا كان صَدْرُ الكلامِ إثْباتًا، كان الاسْتِثْنَاءُ الأَوَّل نَفْيًا والثانى إِثْبَاتًا، فإن اسْتَثْنَى اسْتِثْناءً ثَالِثًا، كان نَفْيًا (٣٢) يَعُودُ كل اسْتِثْنَاء إلى ما يَلِيهِ من الكَلَامِ، فإذا قال: له علىَّ (٣٣) عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا. كان مُقِرًّا بِثَمَانِية؛ لأنَّه أَثْبَتَ عَشَرَةً، ثم [نَفَى منها ثلاثةً] (٣٤) وأَثْبَتَ دِرْهَمًا، وبَقِىَ من الثَّلَاثَةِ المَنْفِيَّةِ (٣٥) دِرْهَمَانِ مُسْتَثْنَيَانِ من العَشَرَةِ، فيَبْقَى منها ثَمَانِية، وسَنَزِيدُ لهذا الفَصْلِ فُرُوعًا (٣٦) في مَسْأَلَة اسْتِثْنَاءِ الأَكْثَرِ.


(٣٠) في م: "فيها".
(٣١) سورة الحجر ٥٨ - ٦٠.
(٣٢) في ب زيادة: "بغير".
(٣٣) سقط من: أ، ب، م.
(٣٤) سقط من: أ، ب، م.
(٣٥) في الأصل: "المثبتة".
(٣٦) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>