للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعُها، ولا نَقْلُ المِلْكِ فيها، فأشْبهَتِ الحُرَّةَ. والثانى، يُقْطَعُ؛ لأنَّها مملوكَةٌ تُضْمَنُ بالقِيمَةِ، فأشْبَهَتِ القِنَّ. وحُكْمُ المُدَبَّرِ حُكْمُ القِنِّ؛ لأنَّه يجوزُ بيعُه، ويُضْمَنُ بقِيمَتِه. فأمَّا المكاتَبُ، فلا يُقْطَعُ سارِقُه؛ لأن مِلْكَ سيِّدِه ليس بتامٍّ عليه، لكَوْنِه لا يَمْلِكُ مَنافِعَه، ولا اسْتِخْدامَه، ولا أخْذَ أَرْشِ الجنايَةِ عليه، ولو جَنَى السيِّدُ عليه، لَزِمَه له الأرْشُ، ولو اسْتَوْفَى مَنافِعَه كَرْهًا، لَزِمَه عِوَضُها، ولو حَبَسَه لَزِمَه أُجْرةُ مِثْلِه (٣٩) مُدَّةَ حَبْسِه، أو إنْظارُه مقدارَ مُدَّةِ حَبْسِه. ولا يجبُ القَطْعُ لأجلِ مِلْكِ المُكاتَبِ في نفسِه؛ لأنَّ الإِنسانَ لا يملِكُ نفسَه، فأشْبَهَ الحُرَّ. وإن سَرَقَ من مالِ المُكاتَبِ شيئًا، فعليه القَطْعُ؛ لأنَّ مِلْكَ المُكاتَبِ ثَابِتٌ في مالِ نفسِه، إلَّا أنْ يكونَ السارِقُ سيِّدَه، فلا قَطْعَ عليه؛ لأن له في مالِه حَقًّا وشُبْهَةً تَدْرَأُ الحَدَّ، ولذلك لو وَطِىءَ جاريتَه لم يُحَدَّ.

فصل: وإن سَرَقَ ماءً، فلا قَطْعَ فيه. قالَه أبو بكرٍ، وأبو إسحاق بنُ شَاقْلَا؛ لأنَّه ممَّا لا يُتَموَّلُ عادَةً. ولا أعلَمُ في هذا خِلافًا. وإن سَرَقَ كَلأً أو مِلْحًا، فقال أبو بكرٍ: لا قَطْعَ فيه؛ لأنَّه ممَّا وَرَدَ الشَّرْعُ باشْتراكِ الناسِ فيه، فأشْبَهَ الماءَ. وقال أبو إسحاقَ [ابنُ شَاقْلَا] (٤٠): فيه القَطْعُ؛ لأنَّه يُتَمَوَّلُ عادَةً، فأشْبَهَ التِّبْنَ والشَّعِيرَ. وأمَّا الثَّلْجُ، فقال القاضي: هو كالماءِ؛ لأنَّه ماءٌ جامِدٌ، فأشْبَهَ الجليدَ، والأشْبَهُ أنَّه (٤١) كالمِلْحِ، لأنَّه يُتَمَوَّلُ عادَةً، فهو كالمِلْحِ المُنْعَقِدِ من الماءِ. وأمَّا التُّرابُ، فإن كان ممَّا (٤٢) تَقِلُّ الرَّغَبَاتُ فيه، كالذى يُعَدُّ للتَّطْيِينِ والبِناء، فلا قَطْعَ فيه؛ لأنَّه لا يُتَمَوَّلُ، وإن كانَ مِمَّا له قِيمةٌ كثيرةٌ، كالطِّينِ الأَرْمَنِىِّ، الذي يُعَدُّ للدَّواءِ، أو المُعَدِّ للغُسْلِ به، أو الصَّبْغِ (٤٣) كالمَغْرَةِ (٤٤)، احْتَمَلَ وَجْهين؛ أحدهما، لا قَطْعَ فيه؛ لأنَّه من جِنْسِ ما لا


(٣٩) سقط من: الأصل، ب.
(٤٠) سقط من: الأصل.
(٤١) سقط من: ب، م.
(٤٢) في م زيادة: "أنه" خطأ. ولعلها التي سقطت سابقا.
(٤٣) في ب: "الطبع".
(٤٤) المغرة: طين أحمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>