للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى بِاتِّبَاعِهِ، وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٤). وقد رَوَى أسْلَمُ، عن عمرَ بن الخَطَّابِ، أنَّه اضْطَبَعَ ورَمَلَ، وقال: فَفِيمَ الرَّمَلُ، ولِمَ نُبْدِى مَنَاكِبَنَا وقد نَفَى اللهُ المُشْرِكِينَ؟ بَلَى، لن نَدَعَ شيئا فَعَلْنَاهُ على عَهْدِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٥). وإذا فَرَغَ من الطَّوَافِ سَوَّى رِدَاءَهُ؛ لأنَّ الاضْطِبَاعَ غيرُ مُسْتَحَبٍّ في الصلاةِ. وقال الأثْرَمُ: إذا فَرَغَ من الأشْوَاطِ التى يَرْمُلُ فيها، سَوَّى رِدَاءَهُ. والأوَّلُ أَوْلَى؛ لأنَّ قَوْلَه: طَافَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُضْطَبِعًا. يَنْصَرِفُ إلى جَمِيعِه. ولا يَضْطَبِعُ في غيرِ هذا الطَّوَافِ، ولا يَضْطَبِعُ في السَّعْىِ. وقال الشَّافِعِىُّ: يَضْطَبِعُ فيه؛ لأنَّه أحَدُ الطَّوَافَيْنِ، فأشْبَهَ الطَّوَافَ بِالبَيْتِ. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يضْطَبِعْ فيه، والسُّنَّةُ في الاقْتِدَاءِ به. قال أحمدُ: ما سَمِعْنَا فيه شيئا. والقِيَاسُ لا يَصِحُّ إلَّا فيما عُقِلَ (٦) مَعْنَاهُ، وهذا تَعَبُّدٌ مَحْضٌ.

٦١٢ - مسألة؛ قال: (ورَمَلَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، ومَشَى أَرْبَعَةً، كُلَّ (١) ذلِكَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ)

مَعْنَى الرَّمَلِ إسْرَاعُ المَشْىِ مع مُقَارَبَةِ الخَطْوِ من غيرِ وَثْبٍ. وهو سُنَّةٌ في الأشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الأُوَلِ من طَوَافِ القُدُومِ. ولا نَعْلَمُ فيه بين أهْلِ العِلْمِ خِلَافًا. وقد ثَبَتَ أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَمَلَ ثَلَاثًا، ومَشَى أَرْبَعًا. رَوَاهُ جابِرٌ، وابنُ عَبّاسٍ، وابنُ عمرَ، وأحَادِيثُهم مُتَّفَقٌ عليها (٢). فإن قِيلَ: إنَّما رَمَلَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصْحَابُه


(٤) سورة الأحزاب ٢١.
(٥) في: باب في الرمل، من كتاب المناسك، سنن أبي داود ١/ ٤٣٦.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب الرمل حول البيت، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٨٤.
(٦) في أ: "يعقل".
(١) أى: يفعل كل ذلك.
(٢) أخرج حديث ابن عباس وابن عمر البخاري، في: باب كيف كان بدء الرمل، وباب الرمل في الحج والعمرة، من كتاب الحج. صحيح البخاري ٢/ ١٨٤، ١٨٥. ومسلم، في: باب استحباب الرمل في الطواف. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٢٠ - ٩٢٢. =

<<  <  ج: ص:  >  >>