للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتِه، فتَقُول: و {جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى} (١٥). أو نحوَه. ذَكَرَ أبو عُبَيْدٍ (١٦) نحوَ هذا المَعْنَى.

٥٣٤ - مسألة؛ قال: (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِى المَسْجِدِ، ويَشْهَدَ النِّكَاحَ)

وإنَّما كان كذلك، لأنَّ الاعْتِكافَ عِبادَةٌ لا تُحَرِّمُ الطَّيِّبَ، فلم تُحَرِّمِ النِّكاحَ كالصومِ، ولأنَّ النِّكَاحَ طَاعَةٌ، وحُضُورُه قُرْبَةٌ، ومُدَّتُه لا تَتَطَاوَلُ، فيَتَشَاغَلُ به عن الاعْتِكافِ، فلم يُكْرَهْ فيه، كتَشْمِيتِ العَاطِسِ، ورَدِّ السَّلامِ.

فصل: ولا بَأْسَ أن يَتَنَظَّفَ بأنْوَاعِ التَّنَظُّفِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يُرَجِّلُ رَأْسَه وهو مُعْتَكِفٌ (١). وله أن يَتَطَيَّبَ، ويَلْبَسَ الرَّفِيعَ من الثِّيَابِ، وليس ذلك بِمُسْتَحَبٍّ. قال أحمدُ: لا يُعْجِبُنِى أن يَتَطَيَّبَ؛ وذلك لأنَّ الاعْتِكافَ عِبادَةٌ تَخْتَصُّ مَكَانًا، فكان تَرْكُ الطِّيبِ فيها مَشْرُوعًا كالحَجِّ. وليس ذلك بِمُحَرَّمٍ؛ لأنَّه لا يُحَرِّمُ اللّبَاسَ ولا النِّكَاحَ، فأشْبَهَ الصَّوْمَ.

فصل: ولا بَأْسَ أن يَأْكُلَ المُعْتَكِفُ فى المسجدِ، ويَضَعَ سُفْرَةً، يَسْقُطُ عليها ما يَقَعُ منه، كَيْلَا يُلَوِّثَ المسجدَ، ويَغْسِلَ يَدَهُ فى الطَّسْتِ، لِيُفَرَّغَ خارِجَ المَسْجِدِ، ولا يجوزُ أن يَخْرُجَ لِغَسْلِ يَدِه؛ لأنَّ له من ذلك بُدًّا. وهل يُكْرَهُ تَجْدِيدُ الطَّهارَةِ فى المسجِدِ؟ فيه رِوايَتانِ: إحْدَاهما، لا يُكْرَهُ؛ لأنَّ أبا العَالِيَةِ قال: حَدَّثَنِى مَن كان يَخْدُمُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: أمَّا ما حَفِظْتُ لكم منه، أنَّه كان يَتَوَضَّأُ فى المسجدِ (٢). وعن ابنِ عمرَ، أَنَّه قال: كان يَتَوَضَّأُ فى المسجدِ الحَرامِ على عَهْدِ


(١٥) سورة طه ٤٠.
(١٦) فى النسخ: "أبو عبيدة". وهو فى غريب الحديث، كما مر.
(١) تقدَّم تخريجه فى صفحة ٤٦١.
(٢) ذكره الهيثمى، فى: باب الوضوء فى المسجد. وعزاه إلى الإِمام أحمد. مجمع الزوائد ٢/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>