للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَعَلَه فى نَصِيبِه، واخْتارَ تَمَلُّكَه، عَتَقَ عليه، وإِلَّا فلا، وإِنْ جُعِلَ له بعضُه، فاخْتارَ تَمَلُّكَه. عَتَقَ عليه، وقُوِّمَ عليه الباقِى. ولَنا، ما بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ المِلْكَ يثبُتُ للغانِمِين لكَوْنِ الاسْتيلاءِ التَّامِّ وُجِدَ منهم، وهو سَبَبٌ للمِلْكِ، ولأنَّ مِلْكَ الكُفَّارِ (١٣) زالَ، ولا يزُولُ إلَّا إلى المسلمين.

فصل: فإنْ أَعتَقَ بعضُ الغانمين عَبْدًا من الغَنِيمَةِ قبلَ القِسْمَةِ، فإنْ كان ممَّنْ لم يثْبُتْ فيه الرِّقُّ، كالرَّجُلِ قبلَ اسْتِرْقاقِهِ، لم يعْتِقْ؛ لما ذَكَرْناه قبلُ، وإِنْ كان رَقِيقًا كالمرأَةِ والصَّبِىِّ، عَتَقَ عليه قَدْرُ حِصَّتِه، وسَرَى إلى باقِيهِ إنْ كان مُوسِرًا، وعليه قِيمَةُ باقِيه تُطْرَحُ فى المَقْسِمِ، وإِنْ كان مُعْسِرًا عَتَقَ عليه قَدْرُ مِلْكِه من الغَنِيمَةِ؛ لأنَّه مُوسِرٌ بقَدْرِ حِصَّتِه من الغَنِيمَةِ، فإنْ كان بقَدْرِ حَقِّهِ من الغنيمَةِ عَتَقَ، ولم يأخُذْ شيئًا، وإِنْ كان دونَ حَقِّه، أخَذَ باقِىَ حَقِّهِ، وإِنْ كان أكثرَ من حَقِّهِ، لم يعْتِقْ إلَّا قَدْرُ حَقِّه، فإنْ أعْتَقَ عَبْدًا ثانِيًا، وفَضَلَ من حَقِّهِ عن الأوَّلِ شىءٌ، عَتَقَ بقَدْرِه من الثانى، وإِنْ لم يفْضُلْ شىءٌ، لم يعْتِقْ من الثانى شىءٌ.

فصل: يُكْرَهُ نقلُ رُءُوسِ المشركين من بَلَدٍ إلى بلدٍ، والمُثْلَةُ بقَتْلاهُم وتَعْذِيبُهم؛ لما رَوَى سَمُرَةُ بنُ جُنْدُب، قال: كان النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَحُثُّنا على الصَّدَقَةِ، ويَنْهانا عن المُثْلَةِ. وعن عبدِ اللَّه قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ أعَفَّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الإِيَمانِ". روَاهما أبو دَاوُدَ (١٤). وعن شَدَّاد بن أَوْسٍ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إِنَّ اللَّه كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ، فَإذَا قَتَلْتُم فَأَحسِنُوا الْقِتْلَةَ، وإِذَا ذَبَحْتُم فَأَحسِنُوا الذَّبْحَ". رواه النَّسائِىُّ (١٥)، وعن عُقْبةَ (١٦) بن عامرٍ، أنَّه قَدِمَ على أبى بكرٍ الصِّدِّيقِ، برَأْسِ يَناقَ (١٧) البِطْريقِ، فأنْكَرَ ذلك، فقال: يا خليفةَ رسولِ اللَّهِ، فإنَّهم يَفْعَلُونَ ذلِك بِنَا. قال:


(١٣) فى م زيادة: "قد".
(١٤) فى: باب فى النهى عن المثلة، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٤٩.
كما أخرج الأول البخارى، فى: باب قصة عكل وعرينة، من كتاب المغازى. صحيح البخارى ٥/ ١٦٥. والإِمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٤٢٨، ٥/ ١٢، ٢٠. وأخرج الثانى ابن ماجه، فى: باب أعف الناس قتلة أهل الإيمان، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٩٤. والإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ٣٩٣.
(١٥) تقدم تخريجه، فى: ١١/ ٥١٦.
(١٦) فى م: "عبد اللَّه". خطأ.
(١٧) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>