ضَعِيفَةٌ عنها، والمَجْنُونُ لا يَتَحَقَّقُ منه نِيَّتُها، والزَّكَاةُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بالمالِ، فأشْبَهَ نَفَقَةَ الأقَارِب والزَّوْجاتِ، وأُرُوشَ الجِنَايَاتِ، وقِيَمَ المُتْلَفَاتِ، والحَديثُ أُرِيدَ به رَفْعُ الإثْمِ والعِبادَاتِ البَدَنِيَّةِ، بِدَلِيلِ وُجُوبِ العُشْرِ وصَدَقَةِ الفِطْرِ والحُقُوق المالِيَّةِ، ثم هو مَخْصُوصٌ بما ذَكَرْنَاهُ، والزَّكَاةُ فى المالِ فى معناه، فنَقِيسُها (١٠) عليه. إذا تَقَرَّرَ هذا، فإنَّ الوَلِىَّ يُخْرِجُها عنهما من مَالِهِما؛ لأنَّها زكاةٌ وَاجِبَةٌ، فوَجَبَ إخْرَاجُها، كزَكَاةِ البالِغِ العاقِلِ، والوَلِىُّ يَقُومُ مَقامَهُ فى أدَاءِ ما عليه؛ ولأنَّها حَقٌّ وَاجِبٌ على الصَّبِىِّ والمَجْنُونِ، فكان على الوَلِىِّ أدَاؤُهُ عنهما، كنَفَقَةِ أقَارِبِه، وتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الوَلِىِّ فى الإخْرَاجِ، كما تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ من رَبِّ المالِ.
يَعْنِى أن السَّيِّدَ مالِكٌ لما فى يَدِ عَبْدِه، وقد اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عن أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّه، فى زكاةِ مالِ العَبْدِ الذى مَلَّكهُ إيَّاه، فَرُوِىَ عنه: زَكَاتُه على سَيِّدِه. هذا مَذْهَبُ سُفْيَانَ، وإسحاقَ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ. وَرُوِىَ عنه: لا زكاةَ فى مَالِهِ؛ لا على العَبْدِ ولا على سَيِّدِهِ. قال ابْنُ المُنْذِرِ: وهذا قولُ ابْنِ عمرَ، وجَابِرٍ، والزُّهْرِىِّ، وقَتَادَةَ، ومالِكٍ، وأبى عُبَيْدٍ. وللشَّافِعِىِّ قَوْلَانِ كالمَذْهَبَيْنِ. قال أبو بكرٍ: المَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ على الرِّوَايَتَيْنِ فى مِلْكِ العَبْدِ، إذا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ؛ إحْداهما، لا يَمْلِكُ. قال أبو بكرٍ: وهو اخْتِيَارِى. وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخِرَقِىِّ هاهُنا؛ لأنَّه جَعَلَ السَّيِّدَ مالِكًا لِمَالِ عَبْدِهِ، ولو كان مَمْلُوكًا لِلْعَبْدِ لم يَكُنْ مَمْلُوكًا لِسَيِّدِهِ، لأنَّه لا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ مِلْكَيْنِ كامِلَيْنِ فى مَالٍ واحِدٍ، وَوَجْهُه أنَّ العَبْدَ مَالٌ، فلا يَمْلِكُ المالَ كالبَهَائِمِ، فعلى هذا تكونُ زكاتُه على سَيِّدِ العَبْدِ، لأنَّه مِلْكٌ له فى يَدِ عَبْدِه، فكانت زكاتُه عليه، كالمَالِ الذى فى يَدِ المُضارِبِ والوَكِيلِ. والثانية، يَمْلِكُ؛ لأنَّه آدَمِىٌّ يَمْلِكُ النِّكَاحَ، فمَلَكَ المالَ، كالحُرِّ، وذلك لأنَّه بالآدَمِيَّةِ يَتَمَهَّدُ