للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: والحُكْمُ في المَجْنُونِ المُطْبِق كالحُكْمِ في الصَّبِىِّ سواءً؛ لأنَّه مَحْجُورٌ عليه لِحَظِّه، وكذلك السَّفِيهُ لذلك، وأما المُغْمَى عليه فلا وِلَايةَ عليه، وحُكْمُه حُكْمُ الغائِبِ والمَجْنُونِ (١٣) يُنْتَظَرُ إفَاقَتُه. وأمَّا المُفْلِسُ، فله الأَخْذُ بالشُّفْعةِ، والعَفْوُ عنها، وليس لِغُرَمائِه الأخْذُ بها؛ لأنَّ المِلْكَ لم يَثْبُتْ لهم في أَمْلَاكِه (١٤) قبلَ قِسْمَتِها، ولا إجْبارُه على الأخْذِ بها؛ لأنَّها مُعَاوَضَةٌ، فلا يُجْبَرُ عليها، كسائِرِ المُعاوَضاتِ. وليس لهم إجْبارُه على العَفْوِ؛ لأنَّه إسْقاطُ حَقٍّ، فلا يُجْبَرُ عليه. وسواءٌ كان له حَظٌّ في الأخْذِ بها، أو لم يَكُنْ؛ لأنَّه يَأْخُذُ في ذِمَّتِه، وليس بمَحْجُورٍ عليه في ذِمَّتِه، لكنْ لهم مَنْعُه من دَفْعِ مالِه في ثَمَنِها؛ لِتَعَلُّقِ حُقُوقِهِم بمالِه، فأشْبَهَ ما لو اشْتَرَى في ذِمَّتِه شِقْصًا غيرَ هذا. ومتى مَلَكَ الشِّقْصَ المَأْخُوذَ بالشُّفْعةِ، تَعَلَّقَتْ حُقُوقُ الغُرَماءِ به، سواءٌ أخَذَه برِضَاهُم أو بغيرِه؛ لأنَّه مالٌ له، فأشْبَهَ ما لو اكْتَسَبَه. وأمَّا المُكَاتَبُ، فله الأَخْذُ والتَّرْكُ، وليس لِسَيِّدِه الاعْتِراضُ عليه؛ لأنَّ التَّصَرُّفَ يَقَعُ له دُونَ سَيِّدِه. فأمَّا المأْذُونُ له في التِّجارةِ من العَبيدِ، فله الأَخْذُ بالشُّفْعةِ؛ لأنَّه مَأْذُونٌ له في الشِّراءِ، وإن عَفَا عنها (١٥) لم يَنْفُذْ عَفْوُه؛ لأنَّ المِلْكَ لِسَيِّدِه (١٦)، ولم يَأْذَنْ له في إبْطالِ حُقُوقِه. وإن أسْقَطَها السَّيِّدُ، سَقَطَتْ، ولم يكُنْ لِلعَبْدِ أن يَأْخُذَ؛ لأنَّ للسَّيِّدِ الحَجْرَ عليه، ولأنَّ الحَقَّ قد أسْقَطَه مُسْتَحِقُّه، فيَسْقُطُ بإِسْقاطِه.

فصل: وإذا بِيعَ شِقْصٌ في شَرِكَةِ مالِ المُضَارَبةِ، فلِلْعامِلِ الأخْذُ بها إذا كان الحَظُّ فيها، فإن تَرَكَها فلِرَبِّ المالِ الأخْذُ؛ لأنَّ مالَ المُضارَبةِ مِلْكُه. ولا يَنْفُذُ عَفْوُ العامِلِ؛ لأنَّ المِلْكَ لغيرِه، فلم يَنْفُذْ عَفْوُه، كالمَأْذُونِ له. وإن اشْتَرَى المُضارِبُ بمالِ المُضارَبةِ شِقْصًا في شَرِكَةِ رَبِّ المالِ، فهل لِرَبِّ المالِ فيه شُفْعةٌ؟ على وَجْهَيْنِ، مَبْنِيَّيْنِ على شِرَاءِ


(١٣) في ب: "والمحبوس".
(١٤) في ب: "أملاكهم".
(١٥) في الأصل: "عنه".
(١٦) في الأصل: "للسيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>