للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشرِبَ ماءَ البحرِ، أو ماءً نَجِسًا، أو لا يأكُلُ خُبْزًا، فأكَلَ خُبْزَ الأُرْزِ أو الذُّرَةِ (٣٩)، فى مكانٍ لا يُعْتادُ أَكْلُه فيه، حَنِثَ. فأمَّا إِنْ أَكَلَ بَيْضَ (٤٠) السَّمَكِ أو الجرادِ، فقال القاضِى: يَحْنَثُ؛ لأنَّه بَيْضُ حيوانٍ، أشْبَهَ يَيْضَ النَّعامِ. وقال أبو الخَطَّاب: لا يَحْنَثُ إِلَّا بأَكْلِ بَيْضٍ يُزايِلُ بائِضَه فى الحياةِ. وهذا قولُ الشافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، أكثرِ العُلماءِ. وهو الصَّحِيحُ؛ لأنَّ هذا لا يُفْهَمُ من إطْلاقِ اسمِ البَيْضِ، ولا يُذْكَرُ إِلَّا مُضافًا إلى بائِضِه، ولا يحنَثُ بأَكْلِ شىءٍ يُسمَّى بَيْضًا غير بَيْضِ الحيوانِ، ولا بأَكْلِ شىءٍ يُسَمَّى رَأْسًا غير رُءُوسِ الحيوانِ؛ لأنَّ ذلك ليس برَأْسٍ ولا بيْضٍ فى الحقيقَةِ، واللَّهُ أعلمُ.

١٨٤٨ - مسألة؛ قال: (وإذا (١) حَلَفَ لَا (٢) يُأْكُلُ سَوِيقًا، فَشَرِبَهُ، أو لَا يَشْرَبُهُ، فَأَكَلَهُ، حَنِثَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ)

وجملتُه أَنَّ مَنْ حَلَفَ (٣) لا يأْكُلُ شيئًا، فشَرِبَه، أو لا يَشْرَبُه، فأَكَلَه، فقد نُقِلَ عن أحمدَ، ما يَدُلُّ على رِوايَتَيْن؛ إحْداهما، يَحْنَثُ؛ لأنَّ اليَمِينَ على تَرْكِ أكْلِ شىءٍ أو شُرْبِه يُقْصَدُ بها فى العُرْفِ اجْتِنابُ ذلك الشىءِ، فحُمِلَتِ اليَمِينُ عليه (٤)، ألَا ترَى أَنَّ قَوْلَه تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ} (٥). و: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} (٦). لم يُرِدْ به الأَكْلَ على الخُصوصِ؟ ولو قال طبيبٌ لمريضٍ: لا تأكُلِ العَسَلَ. لَكانَ ناهِيًا له عن شُرْبِه. والثانِيَةُ، لا يَحْنَثُ. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّ الأفعالَ أنْواعٌ كالأعيانِ، ولو حَلَفَ على نَوْعٍ من الأعْيانِ، لم يَحْنَثْ بغيرِه، كذلك (٧) الأفْعالُ. وقال القاضِى: إنَّما الرِّوايتان، فى مَن عيَّنَ المحْلوفَ


(٣٩) فى أ، ب: "والذرة".
(٤٠) سقط من: م.
(١) فى م: "وإن".
(٢) فى م: "ألا".
(٣) فى أ، ب زيادة: "أن".
(٤) فى م زيادة: "إلا أن ينوى".
(٥) سورة النساء ٢.
(٦) سورة النساء ١٠. ولم يرد فى الأصل، أ، ب: {ظُلْمًا}.
(٧) فى م: "وكذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>