للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالصُّبْحِ، ثم أَسْفَرَ مَرَّةً، ثم لم يَعُدْ إلى الإِسْفَارِ حتى قَبَضَهُ اللهُ. رواهُ أبو داوُد (٨٦). قال الخَطَّابِىُّ: وهو صحيحُ الإِسْنَادِ (٨٧). وقالت عائشةُ، رَضِىَ اللهُ عنها: مَا صَلَّى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَاةً لِوَقْتِها الآخِرِ مَرَّتَيْنِ، حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ (٨٨). وهذا حديثٌ غَرِيبٌ، وليس إسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ. فأمَّا الإِسْفَارُ المذْكُورُ في حديثِهِم، فالمُرَادُ به تَأْخِيرُهَا حتى يَتَبَيَّنَ طلوع الفجرِ، ويَنْكَشِفَ يَقِينًا، من قولِهِم: أسْفَرَت المرأةُ، إذا كشفَتْ وَجْهَها.

فصل: ولا يأْثَمُ بِتَعْجِيلِ الصلاةِ التي يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا، ولا بتأْخِيرِ ما يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُه، إذا أخَّرَهُ عازِمًا على فِعْلِهِ، ما لم يَخْرُج الوَقْتُ، أو يَضِيقُ عن فِعْلِ العِبَادَةِ جَمِيعِها؛ لأنَّ جِبْرِيلَ صلَّاها بالنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في أَوَّلِ الوقتِ وآخِرِهِ، وصَلَّاهَا النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في أَوَّلِ الوقتِ وآخِرِهِ، وقالا: "الوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ" ولِأَن الوُجُوبَ مُوَسَّعٌ فهو كالتَّكْفِيرِ، يجِبُ مُوَسَّعًا بين الأعْيَانِ، فإن أخَّرَ غَيْرَ عَازِمٍ على الفِعْلِ أَثِمَ بذلك التَّأْخِيرِ المُقْتَرِن بالعَزْمِ، وإنْ أَخَّرَهَا بِحَيث لم يَبْقَ من الوقتِ ما يَتَّسِعُ لجميع الصلاةِ أَثِمَ أيضًا؛ لأن الركعةَ الأَخِيرَةَ (٨٩) من جُمْلَةِ الصلاةِ، فلا يجُوزُ تأخِيرُها عن الوقتِ، كالأُولَى.

فصل: وإنْ أخَّرَ الصلاةَ عن أولِ وقتِها بِنيَّةِ فِعْلِهَا، فمات قبل فِعْلِها، لم يكن عاصِيًا؛ لأنه فَعَلَ ما يَجُوزُ له فِعْلُهُ، والمَوْتُ ليس من فِعْلِهِ، فلا يأْثَمُ به.

فصل: ومَنْ صَلَّى قبلَ الوَقْتِ، لم تُجْزِئْهُ (٩٠) صلاتُه، في قولِ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، سواءٌ فَعَلَهُ عَمْدًا أو خَطَأً، كُلَّ الصَّلَاةِ أو بَعْضَها. وبه قال الزُّهْرِىُّ،


= ١/ ٥. والإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ٣٣، ٣٧، ١٧٩، ٢٤٨، ٢٥٨، ٢٥٩.
(٨٦) في: باب في المواقيت، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٩٤.
(٨٧) معالم السنن ١/ ١٣٣.
(٨٨) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ١/ ٢٨٤. والإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ٩٢.
(٨٩) سقط من: الأصل.
(٩٠) في م: "تجز".

<<  <  ج: ص:  >  >>