للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إدْخالَ العُمْرَةِ على الحَجِّ لا يُفِيدُه إلَّا ما أفَادَهُ العَقْدُ الأَوَّلُ، فلم يَصِحَّ، كما لو اسْتَأجَرَهُ على عَمَلٍ، ثم اسْتَأْجَرَه عليه ثَانِيًا فى المُدَّةِ، وعَكْسُه إدْخَالُ الحَجِّ على العُمْرَةِ.

٦٧٣ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ وَطِئَ قَبْلَ رَمْىِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَقَدْ فَسَدَ حَجُّهُمَا، وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ إنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا، وَلَا دَمَ عَلَيْهَا)

وفى هذه المَسْأَلَةِ ثلاثةُ فُصولٍ: الفصلُ الأوَّلُ، أنَّ الوَطْءَ قبلَ رَمْىِ (١) جَمْرَةِ العَقَبَةِ يُفْسِدُ الحَجَّ، ولا فَرْقَ بين ما قبلَ الوُقوفِ وبعدَه. وبهذا قال مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: إن وَطِئَ بعد الوُقوفِ لم يَفْسُدْ حَجُّهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ" (٢). ولأنَّه أمِنَ الفَواتَ، فأمِنَ الفَسادَ، كما بعدَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ. ولَنا، أنَّ رَجُلًا سَألَ ابنَ عَبّاسٍ وعبدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو، فقال: وَقَعْتُ بأهْلِى ونحنُ مُحْرِمانِ. فقالا له: أفْسَدْتَ حَجَّكَ. ولم يَسْتَفْصِلُوا السَّائِلَ. رَوَاهُ الأثْرَمُ (٣). ولأنَّه وَطْءٌ صادَفَ إحْرَامًا تَامًّا فأفْسَدَهُ، كقَبْلِ الوُقُوفِ، ويُخَالِفُ ما بعدَ التَّحَلُّلِ الأَوَّلِ، فإنَّ الإِحْرامَ غيرُ تامٍّ، والمُرَادُ من الخَبَرِ الأمْنُ من الفَوَاتِ، ولا يَلْزَمُ من أمْنِ الفَواتِ أمْنُ الفَسادِ، وبِدَلِيلِ (٤) العُمْرَةِ يَأْمَنُ فَواتَها ولا يَأْمَنُ فَسادَها. قال أحمدُ: لا أعْلَمُ أحَدًا قال: إنَّ حَجَّهُ تَامٌّ. غيرَ أبى حنيفةَ، يقولُ: الحَجُّ عَرَفَات، فمَن وَقَفَ بها فقد تَمَّ حَجُّهُ. وإنَّما هذا مثلُ قولِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ أدْرَكَ رَكْعَةً من الصَّلَاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ" (٥).


(١) سقط من: أ، ب، م.
(٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٧٣.
(٣) وأخرجه البيهقى، فى: باب ما يفسد الحج، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ١٦٧، ١٦٨. والحاكم، فى: باب مسألة المحرم إذا وقع بامرأته، من كتاب البيوع. المستدرك ٢/ ٦٥.
(٤) سقطت واو العطف من: الأصل.
(٥) تقدم تخريجه فى ٢/ ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>