للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تَسَلُّمِها مع إمْكانِ ذلك، وبَذْلِها إيَّاهُ له، فلَزِمَتْه نفقَتُها، كما لو كان حاضرًا. وإن كانت الزَّوجة صغيرةً، يُمْكِنُ وطْؤُها، أو مَجْنونةً، فسَلَّمَتْ نفسَها إليه، فتَسَلَّمها، لَزِمَتْه نفقَتُها كالكبيرةِ، وإن لم يتَسَلَّمْها، لمَنْعِها نفْسَها، أو مَنْعِ أوْلِيائِها، فلا نَفقةَ لها عليه. وإن غاب الزَّوجُ، فبَذَلَ وَلِيُّها تَسْلِيمَها، فهو كما لو بذَلَتِ المُكَلَّفَةُ التَّسْلِيمَ، فإنَّ وَلِيَّها يقومُ مَقامَها. وإن بذَلَتْ هي دُونَ وَلِيِّها، لم يَفْرِض الحاكمُ النَّفقةَ لها؛ لأنَّها (١٢) لا حُكْمَ لكَلَامِها.

١٣٩٤ - مسألة؛ قال: (وَإذَا كَانَتْ بِهذِهِ الْحَالِ الَّتِى وَصَفْتُ، وَزوْجُها (١) صَبِيٌّ، أُجْبِرَ وَلِيُّهُ عَلَى نَفَقَتِهَا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَاختَارَتْ فِرَاقَهُ، فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُما)

يعني إذا كانت المرأةُ كبيرةً، يُمْكِنُ الاسْتِمْتاعُ بها، فمَكَّنَتْ مِن نَفْسِها، أو بَذَلَتْ تَسْلِيمَها، ولم تَمْنَعْ نفسَها، ولا مَنَعَها أولياؤُها، فعلى زَوْجِها الصَّبِىِّ نَفقَتُها. وبهذا قال أبو حنيفةَ، ومحمدُ بن الحسنِ، والشافعيُّ في أحدِ قَوْلَيْه. وقال في الآخَرِ: لا نَفقةَ لها. وهو قولُ مالكٍ؛ لأنَّ الزَّوجَ لا يتَمَكَّنُ من الاسْتِمْتاعِ بها، فلم تَلْزَمْه نَفقَتُها، كما لو كانت غائِبةً أو (٢) صَغِيرةً. ولَنا، أنَّها سَلَّمَتْ نفسَها تسليمًا صحيحًا، فوجَبَتْ لها النَّفقةُ، كما لو كان الزَّوْجُ كبيرًا، ولأنَّ الاسْتِمْتاعَ بها مُمْكِنٌ، وإنَّما تعَذَّرَ من جِهَةِ الزَّوجِ، كما لو تعَذَّرَ التَّسْليمُ لمَرَضِه أو غَيْبَتِه، وفارَقَ ما إذا غابَتْ، أو كانت صغيرةً، فإنَّها لم تُسَلِّمْ نفسَها تَسْليمًا صحيحًا، ولم تَبْذُلْ ذلك، فعلى هذا يُجْبَرُ الوَلِيُّ على نَفَقَتِها من مالِ الصَّبِيِّ؛ لأنَّ النَّفقةَ على الصَّبِيِّ، وإنَّما الوَلِيُّ يَنُوبُ عنه في أداءِ الواجباتِ عليه، كما يُؤدِّى أُرُوشَ جِنَاياتِه، وقِيَمَ مُتْلَفاتِه، وزَكَواتِه. وإن لم يَكُنْ له مالٌ،


(١٢) في أ، ب، م: "لأنه".
(١) سقطت الواو من: أ، م.
(٢) سقط من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>