للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٤٦ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ حَلَفَ لَا (١) يَأْكُلُ الشَّحْمَ، فَأكَلَ اللَّحْمَ، حَنِثَ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ لا يَخْلُو مِنْ شَحْمٍ)

ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، أَنَّ الشَّحْمَ كُلُّ ما يَذُوبُ بالنَّارِ ممَّا فى الحَيَوانِ، وظاهِرُ (٢) الآيَةِ والعُرْفِ يَشْهَدُ لقَوْلِه، وهذا ظاهِرُ قولِ أبى الخَطَّاب، وطَلْحَةَ، [وقَوْلِ أبى يوسفَ] (٣)، ومحمدِ بنِ الحسنِ. فعلى هذا، لا يكادُ لَحْمٌ يَخْلُو من شىءٍ منه، وإِنْ قَلَّ، فيَحْنَثُ به. وقال القاضى: الشَّحْمُ هو الذى يكونُ فى الجَوْفِ، من شَحْمِ الكُلَى أو غيرِه، وإِنْ أكَلَ من كُلِّ شىءٍ من الشاةِ، من لَحْمِها الأَحْمَرِ والأبْيَضِ، والألْيَةِ، والكَبِدِ، والطِّحالِ، والقلبِ، فقال شَيْخُنا: لا يَحْنَثُ -يعنى ابنَ حامد- لأنَّ اسمَ الشَّحْمِ لا يقَعُ عليه. وهو قولُ أبى حنيفة، والشافِعِىِّ. وقد سَبَقَ الكلامُ فى أنّ شَحْمَ الظَّهْرِ والجَنْبِ شَحْمٌ، فيَحْنَثُ به. وأمَّا إِنْ أكَلَ لحمًا أَحْمَرَ وَحْدَه، لا يَظْهَرُ فيه شىءٌ من الشَّحْمِ، فظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ أنَّه يَحْنَثُ؛ لأنَّه لا يَخْلُو من شَحْمٍ وإِنْ قَلَّ، ويظهرُ فى الطَّبْخِ، فإنَّه يَبِينُ على وَجْهِ المَرَقِ وإِنْ قَلَّ، وبهذا يُفارِقُ مَنْ حَلَفَ لا يأكُلُ سَمْنًا، فأكَلَ خَبِيصًا فيه سَمْنٌ لا يَظْهَرُ [فيه طَعْمُه ولا لَوْنُه، فإِنَّ هذا قد يظْهَرُ] (٤) الدُّهْنُ فيه. وقال غيرُ الخِرَقِىِّ من أصْحابِنا: لا يَحْنَثُ. وهو الصَّحِيحُ؛ لأنَّه لا يُسَمَّى شَحْمًا، ولا يظْهَرُ فيه طَعْمُه ولا لَوْنُه، والذى يَظْهَرُ فى الْمَرَقِ قد فارَقَ اللَّحْمَ، فلا يَحْنَثُ بأَكْلِ اللَّحْمِ الذى كان فيه.

فصل: ويَحْنَثُ بالأَكْلِ من الأَلْيَةِ، فى ظاهِرِ كلامِ الْخِرَقِىِّ ومُوافِقيه؛ لأنَّها دُهْنٌ يذُوبُ بالنَّارِ، ويُباعُ مع الشَّحْمِ، ولا يُباعُ مع اللَّحْمِ. وعلى قولِ القاضى ومُوافِقيه: ليست شَحْمًا ولا لَحْمًا، فلا يَحْنَثُ به الحالِفُ على تَرْكِها.

١٨٤٧ - مسألة؛ قال: (وإِنْ (١) حَلَفَ لَا (٢) يَأْكُلُ لَحْمًا، ولم يُرِدْ لَحْمًا بعَيْنِهِ،


(١) فى م: "ألا".
(٢) فى م: "فظاهر".
(٣) فى م: "وقال به".
(٤) سقط من: م. وسيقط من: أ، ب: "قد".
(١) فى م: "وإذا".
(٢) فى م: "ألا".

<<  <  ج: ص:  >  >>