للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو لِسَيِّدِهِ. ونَصَّ عليه أحمدُ أيضا، في رِوَايَةِ المَرُّوذِيِّ والكَوْسَج. ونَقَل (١٦) عنه حَنْبَلٌ: إذا عَجَزَ يَرُدُّ ما في يَدَيْهِ في المُكَاتَبِينَ. وقال أبو بكر عبدُ العزيزِ: إنْ كان بَاقِيًا بِعَيْنِه، اسْتُرْجِعَ منه؛ لأنَّه إنَّما دُفِعَ إليه لِيُعْتَقَ به ولم يَقَعْ. وقال القاضي: كَلَامُ الخِرَقِيِّ مَحْمُولٌ على أنَّ الذي بَقِيَ في يَدِه لم يكنْ عَيْنَ الزَّكاةِ، وإنَّما تَصَرَّفَ فيها، وحَصَلَ عِوَضُها وفَائِدَتُها. ولو تَلِفَ المالُ الذي في يَدِ هؤلاء بغيرِ تَفْرِيطٍ، لم يرجِعْ عليهم بِشىءٍ.

٤٣٤ - مسألة؛ قال: (ولَا يَجُوزُ نقْلُ الصَّدَقَةِ مِنْ بَلَدِها إلى بَلَدٍ تُقْصَرُ فِي مِثلِهِ الصَّلَاةُ)

المذهبُ على أَنَّه لا يجوزُ نَقْلُ الصَّدَقَةِ مِن بَلَدِها إلى مَسَافَةِ القَصْرِ. قال أبو داودَ: سمعتُ أحمدَ سُئِلَ عن الزَّكاةِ يُبْعَثُ بها من بَلَدٍ إلى بَلَدٍ؟ قال: لا. قيل: وإن كان قَرَابَتُه بها؟ قال: لا. وَاسْتَحَبَّ أكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ أنْ لا تُنْقَلَ من بَلَدِهَا. وقال سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا سفيانُ، عن مَعْمَرٍ، عن ابْنِ طَاوُسٍ، عن أبيهِ، قال في كِتَابِ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ: مَنْ أخْرَجَ مِنْ مِخْلَافٍ (١) إلى مِخْلَافٍ، فإنَّ صَدَقَتَهُ وعُشْرَهُ تُرَدُّ إلى مِخْلَافِه (٢). وَرُوِيَ عن عمرَ بن عبدِ العزيزِ، أنَّه رَدَّ زَكَاةً أُتِيَ بها من خُرَاسَانَ إلى الشَّامِ، إلى خُرَاسَانَ (٣). وَرُوِيَ عن الحسنِ والنَّخَعِيِّ أنَّهما كَرِهَا نَقْلَ الزكاةِ من بَلَدٍ إلى بَلَدٍ، إلَّا لِذِى قَرَابَةٍ (٤). وكان أبو العَالِيَةِ يَبْعَثُ بِزَكَاتِه إلى المَدِينَةِ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمُعَاذٍ: "أخْبِرْهُمْ أن عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ من أغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ في


(١٦) في أ، م: "وروى".
(١) المخلاف: الكورة، وهي المدينة والصقع.
(٢) عزاه الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا إلى سعيد والأثرم، انظر: الفتح الرباني ٩/ ٤٦.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في الصدقة يخرج بها من بلد إلى بلد من كرهه، من كتاب الزكاة. المصنف ٣/ ١٦٨.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة، في الباب السابق. المصنف ٣/ ١٦٧. وأبو عبيد، في: باب قسم الصدقة في بلدها. الأموال ٣٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>