للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجْهينِ؛ أحدهما، لا يجوزُ. والآخَرُ، يجوزُ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، ومالكٍ؛ لأنَّ العِتْقَ مَعْنًى لا يَلْحَقُه الفَسْخُ، فجاز أن يكونَ الحيوانُ المُطْلَقُ عِوَضًا فيه، كالعَقْلِ. ولَنا، أَنَّ ما لا يجوزُ أن يكونَ عِوَضًا فى البَيْعِ والإِجارةِ. لا يجوزُ أن يكونَ عِوَضًا فى الكتابةِ، كالثَّوْبِ المُطْلَقِ، ويُفارِقُ العَقْلَ؛ لأَنَّه بَدَلُ (٤٠) مُتْلَفٍ مُقَدَّرٍ فى الشَّرْعِ، وههُنا عِوَضٌ فى عَقْدٍ، فأشْبَهَ البَيْعَ، ولأنَّ الحيوانَ الواجبَ فى العَقْلِ، ليس بحيوانٍ مُطْلَقٍ، بل هو مُقَيّدٌ بجِنْسِهِ وسِنِّه، فلم يَصِحَّ الإِلحاقُ به، ولأنَّ الحيوانَ المُطْلَقَ لا تجوزُ الكِتابةُ عليه، بغيرِ خلافٍ بينَ الناسِ فيما عَلِمْناه، وإنَّما الخلافُ فى العَبْدِ المُطْلَقِ، ولم يَرِدْ به الشَّرْعُ بَدَلًا فى مَوْضِعٍ عَلِمْنَاه. إذا ثَبَتَ هذا، فإِنَّ مَنْ صَحَّحَ الكتابةَ به، أوْجَبَ له عبدًا وَسَطًا، وهو السِّنْدِىُّ، ويكون وَسَطًا من السِّنْدِيِّين فى قِيمَتِه، كقَوْلِنا فى الصَّدَاقِ، ولا تَصِحُّ الكتابةُ على حيوانٍ مُطْلَقٍ غيرِ العبدِ، فيما عَلِمْناه، ولا على ثَوْبٍ، ولا دارٍ، وكذلك (٤١) لا تجوزُ على ثَوبٍ مِن ثِيَابِه، ولا عِمامةٍ من عَمائمِه، ولا غيرِ ذلك من المَجْهُولاتِ. وإِنْ وَصَفَ ذلك [بأوْصافِه فى السَّلَمِ] (٤٢)، صَحَّ. وممَّن أجاز الكِتابةَ على العَبِيدِ؛ الحسنُ، وسعيدُ بن جُبَيْرٍ، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ، وابنُ سِيرِينَ، ومالِكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ورُوِىَ ذلك عن أبى بَرْزَةَ، وحَفْصَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما.

فصل: وتَصِحُّ الكِتابةُ على خِدْمةٍ ومَنْفعةٍ مُباحةٍ؛ لأنَّها أحَدُ العِوَضَيْنِ فى الإِجَارَةِ، فجاز أن تكونَ عِوَضًا فى الكتابةِ، كالأثْمانِ. ويُشْتَرَطُ العِلْمُ بها، كما يُشْتَرَطُ فى الإِجارةِ، فإِنَّ كاتَبَه على خِدْمةِ شَهْرٍ ودِينارٍ، صَحَّ، ولا يحْتاجُ إلى ذِكْرِ الشهرِ، وكَوْنِه عَقِيبَ العَقْدِ؛ لأنَّ إطْلاقَه يَقْتَضِى ذلك، وإن عَيَّنَ الشهرَ لوقتٍ لا يَتّصِلُ بالعَقْدِ، مثل أَنْ يُكاتِبَه فى المُحَرَّمِ على خِدْمَتِه فى رَجَبٍ ودِينارٍ، صَحَّ أيضًا، كما يجوز أن يُؤْجِرَه دارَه شَهرَ رَجَبٍ فى المحرَّمِ. وقال أصحابُ الشافعىِّ: لا يجوزُ على شهرٍ لا يَتَّصِلُ بالعَقْدِ. ويَشْتَرِطُون


(٤٠) فى م زيادة: "عن".
(٤١) فى ب: "ولا ذلك". وفى م: "ولذلك".
(٤٢) فى م: "بأوصاف السلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>