للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٧٨ - مسألة؛ قال: (وسَهْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصْرَف فِى الْكُرَاعِ والسِّلَاحِ وَمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ)

وهذا قولُ الشَّافعىُّ، فإنَّه قال: أَخْتارُ أن يَضَعَه الإِمامُ فى كلِّ أمرٍ خُصَّ به الإسلامُ وأهلُه، مِنْ سَدِّ ثَغْرٍ، وإعدادِ كُرَاعٍ أوْ سِلَاحٍ، أو إعْطائِه أهلَ البَلاءِ فى الإِسلامِ نَفَلًا عندَ الحَرْبِ وغيرِ الحربِ. وهذا نحو ما قال الْخِرَقِىُّ. وهذا السهمُ كان لِرسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الغَنِيمةِ، حَضَرَ أو لم يَحْضُرْ، كما أن (١) سهامَ (٢) بَقِيَّةِ أصْحابِ الخُمْس لهم، حَضَرُوا أو لم يَحْضُرُوا. وكان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَصْنَعُ به ما شاء، فلما تُوُفىَ وَلِيَه أبو بكرٍ، ولم يَسْقُطْ بمَوْتِه. وقد قيل: إنَّما أضَافَه اللَّه تعالى إلى نَفْسِه وإلى رَسُولِه، ليُعْلَمَ أنَّ جِهَتَه جهةُ المَصْلحةِ، وأنَّه ليس بمُخْتَصٍّ بالنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيَسْقُطُ بمَوْتِه. وزَعَمَ قومٌ أنَّه سَقَطَ (٣) بمَوْتِه، ويُرَدُّ على أَنْصِباءِ الباقينَ من أهلِ الخُمْسِ؛ لأنَّهم شُرَكاؤُه. وقال آخَرُون: بل يُرَدُّ على الغانِمينَ؛ لأنَّهم اسْتَحَلُّوها بقِتَالِهم، وخَرَجَتْ منها سِهامٌ منها سهمُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مادام حَيًّا، فإذا مات وَجَبَ رَدُّه إلى من وُجِدَ سَبَبُ الاسْتِحقاقِ فيه، كما أنَّ تَركِةَ المَيِّتِ إذا خَرَجَ منها سهمٌ بوَصِيَّةٍ، ثمَّ بَطلَتِ الوَصِيَّةُ، رُدَّ إلى التَّركِةِ. وقالت طائفةٌ: هو للخَلِيفةِ بعدَه؛ لأنَّ أبا بكرٍ رَوَى عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "إذَا أَطْعَمَ اللَّهُ نَبِيًّا طُعْمةٌ، ثُمَّ قَبَضَهُ، فَهِىَ (٤) للذى يقومُ بها مِنْ بعدِه"، وقد رأيتُ أن أَرُدَّه على المسلمينَ (٥). والصَّحِيحُ أنَّه باقٍ، وأنَّه يُصْرَفُ فى مَصالحِ المسلمين، لكنَّ الإِمامَ يقومُ مَقامَ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فى صَرْفِه فيما يَرَى، فإنَّ أبا بكرٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: لا أَدَعُ أَمْرًا


(١) فى أ: "كان".
(٢) فى أ، م: "سهم".
(٣) فى ب: "يسقط".
(٤) فى ب، م: "فهو".
(٥) أخرجه أبو داود، فى: باب فى صفايا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأموال، من كتاب الإمارة. سنن أبى داود ٢/ ١٣٠. والإمام أحمد، فى: المسند ١/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>