للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقْلِه، وإن شاءَ، وهو طِفلٌ، لم يَقَعْ؛ لأنَّه كالمجنونِ. وإن كان يَعقِلُ الطَّلاقَ، وقعَ؛ لأنَّ له مَشِيئةً، ولذلك صَحَّ اختيارُه لأحدِ أبَوَيْهِ. وإن كان أخْرَسَ، فشاءَ بالإِشارةِ، وقَعَ الطَّلاقُ؛ لأنَّ إشارتَه تَقومُ مَقامَ نُطْقِ النَّاطِقِ، ولذلك وقعَ طلاقُه بها، وإن كان ناطِقًا حالَ التَّعْليقِ، فخَرِسَ، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، يَقَعُ الطَّلاقُ به؛ لأنَّ طَلاقَه فى نفسِه يَقَعُ بها، فكذلك طَلاقُ مَن علَّقَه بمَشِيئةٍ. والثّانى، لا يَقَعُ بها؛ لأنَّه حالَ التَّعليقِ، كان (٧٤) لا يَقَعُ إلَّا بالنُّطْقِ (٧٥)، فلم يَقَعْ بغيرِه، كما لو قال فى التَّعْليقِ: إن نَطَقَ فلانٌ بمشِيئتِه فهى طالقٌ.

فصل: فإن قَيَّدَ الْمَشِيئةَ بوَقْتٍ، فقال: أنتِ طالقٌ إن شئتِ اليومَ. تَقَيَّدُ به، فإن خرجَ اليومُ قبلَ مَشِيئتِها لم تَطْلُقْ. وإن علَّقَه على مَشِيئَةِ (٧٦) اثْنَيْنِ، لم يَقَعْ حتى تُوجَدَ مَشِيئتُهما، وخَرَّجَ القاضى وَجْهًا أنَّه يَقَعُ بمَشِيئةِ أحدِهما، كما يَحْنَثُ بفِعْلِ بعضِ المحْلوفِ عليه، وقد بَيَّنَّا فسادَ هذا. فإن قال: أنتِ طالقٌ إن شِئْتِ وشاءَ أبوكِ. فقالتْ: قد شِئْتُ إن شاءَ أبى. فقال أبوها: قد شِئْتُ. لم تَطْلُقْ؛ لأنَّها لم تَشَأُ، فإنَّ المَشِيئةَ أمرٌ خَفِىٌّ (٧٧)، لا يَصحُّ تَعْليقُها على شَرْطٍ. وكذلك لو قال: أنتِ طالقٌ إن شئْتِ. فقالت: قد شئتُ إن شئتَ. فقال: قد شئتُ. أو قالتْ (٧٨): قد شئتُ إن طَلَعَتِ الشَّمسُ. لم يَقَعْ. نَصَّ (٧٩) أحمدُ، على مَعْنَى هذا (٨٠)، وهو قَوْلُ سائرِ أهلِ العلمِ؛ منهم الشَّافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. قال ابنُ (٨١)


(٧٤) فى ب، م: "كأنه".
(٧٥) فى أ: "بالتعليق".
(٧٦) فى م: "المشيئة".
(٧٧) فى الأصل، ب: "حقيقى".
(٧٨) فى ب: "قال".
(٧٩) فى ب، م زيادة: "عليه".
(٨٠) فى ب: "وهذا". وفى م: "هو".
(٨١) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>