للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧١٢ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا رَمَى صَيْدًا، فَأَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا، لم يَأْكُلْ (١) مَا أبانَ (٢) مِنْهُ، ويَأْكُلُ (٣) مَا سِوَاهُ، فى إِحْدى الرِّوايَتَيْن، والأُخْرَى يَأْكُلُه ومَا أَبَانَ مِنْهُ)

وجملَتُه أنَّه إذا رَمَى صَيْدًا، أو ضَرَبَه، فبانَ بعضُه، لم يَخْلُ من أحوالٍ ثلَاثَةٍ؛ أحدُها، أَنْ يَقْطَعَهُ قِطْعَتَيْن، أو يقْطَعَ رأسَه، فهذا جميعُه حَلال، سواءٌ كانت القِطْعتان مُتساوِيَتَيْن أو مُتَفاوِتَتَيْن. وبهذا قال الشافِعِىُّ. ورُوِىَ ذلك عن عِكْرِمَةَ، والنَّخَعِىِّ، وقَتَادَةَ. وقال أبو حنيفةَ: إنْ كانَتَا مُتَساوِيَتَيْن، أو التى مع الرأْسِ أقلَّ، حَلَّتا، وإِنْ كانت الأُخْرَى أقلَّ، لم يَحِلَّ، وحَلَّ الرَّأْسُ وما مَعَه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَا أُبِينَ مِنْ حَىٍّ فهو مَيِّتٌ" (٤). ولَنا، أَنَّه جُزْءٌ لا تَبْقَى الحياةُ مع فَقْدِه، فأُبِيحَ، كما لو تساوَت القِطْعَتان. الحالُ الثانِى، أَنْ يَبِينَ منه عُضْوٌ، وتَبْقَى فيه حياةٌ مُسْتَقِرة، فالبائِنُ مُحَرَّمٌ (٥) بِكُلِّ حالٍ، سواءٌ بَقِىَ الحيوانُ حَيًّا، أو أدْرَكَه فذَكَّاه، أو رَماهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَقَتَلَه، إلَّا أنَّه إنْ ذكّاه حَلَّ بكُلِّ حالٍ دونَ ما أبانَ منه. وإِنْ ضَرَبَه فى غيرِ مَذبَحِه فقَتَلَه، نظَرْتَ؛ فإنَّ لم يكُنْ أَثْبَتَه بالضَّرْبَةِ الأُولَى، حَلَّ، دونَ ما أبانَ منه، وإِنْ كان أَثْبَتَه، لم يَحِلَّ شىءٌ منه؛ لأنَّ ذَكاةَ المقْدُورِ عليه فى الحَلْقِ واللَّبَّةِ. الحالُ الثالِثُ، أبانَ منه عُضْوًا، ولم تَبْقَ فيه حياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فهذه التى ذكرَ الْخِرَقِىُّ فيها رِوايَتَيْن؛ أشْهَرُهُما جمن أحمدَ، إباحَتُهُما. قال أحمدُ: إنَّما حَدِيثُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما قَطَعْتَ مِنَ الْحَىِّ مَيْتةٌ". إذا قُطِعَتْ وهى حَيَّةٌ، تَمْشِى وتَذْهَبُ. أمَّا إذا كانت البَيْنُونَةُ والموتُ جميعًا، أو بعدَه بقليلٍ، إذا كان فى عِلاجِ الموتِ، فلا بأْسَ به، ألَا تَرَى الذى يُذْبَحُ رُبَّما مَكَثَ ساعَةً، وربَّما مَشَى حتَّى يمُوتَ! وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. ورُوِى ذلك عن عَلِىِّ، وعَطاءٍ، والحسنِ. وقال قَتادَةُ، وإبراهيمُ، وعِكْرِمَةُ: إنْ وَقَعَا معًا أَكَلَهُما، وإِنْ مَشَى بعدَ قَطْعِ العُضْوِ أَكَلَه، ولم يأْكُلِ العُضْوَ. والرِّوايَةُ الثانِيَةُ، لا يُباحُ ما أبانَ (٦) منه. وهذا مذْهَبُ أبى حَنِيفَةَ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا أُبِينَ من حَىٍّ فهو


(١) فى ب، م: "يؤكل".
(٢) فى م: "بان".
(٣) فى م: "ويؤكل".
(٤) تقدم تخريجه، فى: ١/ ٩٩.
(٥) فى ب: "يحرم".
(٦) فى أ، ب، م: "بان".

<<  <  ج: ص:  >  >>