للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الجَوازِ، وأحادِيثُنا تَدُلُّ على الاسْتِحْبَابِ، فالحائِضُ حَدَثُها قائِمٌ، فلا وضوءَ مع ما يُنَافِيهِ، [فلا مَعْنَى لِلْوضوءِ] (٣٢).

فُصُولٌ في الحَمَّامِ: بِنَاءُ الحَمَّامِ، وبَيْعُهُ، وشِرَاؤُهُ، وكِرَاؤُهُ، مَكْرُوهٌ عندَ أبى عبدِ اللَّه. قال في الذي يَبْنِى حَمَّامًا للنِّسَاءِ: ليس بِعَدْلٍ. قال أبو داود: سألتُ أحمدَ عن كِرَا الحَمَّامِ؟ قالَ: أَخْشَى. كأنَّه كَرِهَه. وقيل له، فإن اشْتَرَطَ على المُكْتَرِى أنْ لا يَدْخُلَه أحَدٌ بِغَيْرِ إزَارٍ. فقال: ويُضْبَطُ هَذا؟ وكأنَّه لم يُعْجِبْه. وإنَّما كَرِهَهُ؛ لِمَا فيه مِنْ فِعْلِ المُنْكَرَاتِ، مِنْ كَشْفِ العَوْراتِ، ومُشَاهَدَتِها، ودُخُولِ النِّسَاءِ إيَّاه.

فصل: فأمَّا دُخُولُه؛ فإنْ كان الدَّاخِلُ رجلًا يَسْلَمُ مِن النَّظَرِ إلى العَوْرَاتِ، ونَظَرِ الناسِ إلى عَوْرَتِه، فلا بَأْسَ بِدُخُولِه؛ فإنَّهُ يُرْوَى، أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ دَخَلَ حَمَّامًا بالجُحْفَةِ. ويُرْوَى ذلك عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ويُرْوَى عن خالد بنِ الوليد، أنَّهُ دخلَ الحَمَّامَ. وكان الحسنُ وابنُ سِيرِينَ يَدْخُلَانِ الحَمَّامَ، رَوَاهُ الخَلَّالُ. وإن خَشِىَ أنْ لا يَسْلَمَ مِن ذلك، كُرِهَ له ذلك؛ لأنَّه لا يَأْمَنُ وُقُوعَه في المَحْظُورِ، فإنَّ كَشْفَ العَوْرَةِ ومُشَاهَدَتَها حَرَامٌ، بدليلِ ما رَوَى بَهْزُ بنُ حَكِيمٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، أنَّه قال: يا رسولَ اللهِ، عَوْرَاتُنا ما نَأْتِى منها وما نَذَرُ؟ قال: "احْفَظْ عَوْرَتَكَ، إلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ". قال يا رسولَ اللهِ، فإذا كانَ أحَدُنَا خالِيًا؟ قال: فاللهُ أحَقُّ أن يُسْتَحْيَى مِنْهُ مِنَ (٣٣) النَّاسِ (٣٤) ". وقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، ولا تَنْظُرُ المَرْأَةُ إلَى عَوْرَةِ المَرْأَةِ". وقال عليه السَّلَامُ: "لَا تَمْشُوا عُرَاةً". رواهُما مُسْلِمٌ (٣٥). قال أحمدُ: إن عَلِمْتَ أنَّ كلَّ مَنْ في الحَمَّامِ عليه إزَارٌ


(٣٢) سقط من: الأصل.
(٣٣) سقط من: الأصل.
(٣٤) أخرجه أبو داود، في: باب [ما جاء] في التعرى، من كتاب الحمام. سنن أبي داود ٢/ ٣٦٤. والترمذي، في: باب ما جاء في حفظ العورة، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى ١٠/ ٢٢٣، ٢٣٨. وابن ماجه، في: باب التستر عند النكاح. من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦١٨. والإمام أحمد، في: المسند ٥/ ٣، ٤. وروى البخاري طرفه "اللَّه أحق أن يستحيى منه من الناس". في: باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة ومن تستر فالتستر أفضل، من كتاب الغسل (الترجمة). صحيح البخاري ١/ ٧٨.
(٣٥) الأول أخرجه مسلم، في: باب تحريم النظر إلى العورات، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٢٦. =

<<  <  ج: ص:  >  >>