للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسنِ. قال أبو بكر: وبهذا أقولُ؛ لأنَّ الوَطْءَ في المَيِّتَةِ [كَلاوَطْءٍ] (٥)، لأنَّه عُضْوٌ مُسْتَهْلَكٌ، ولأنَّها لا يُشْتَهى مِثْلُها، وتَعافُها النَّفسُ، فلا حاجةَ إلى شَرْع الزَّجْرِ عنها، والحَدُّ إنَّما وجبَ زَجْرًا. وأمَّا الصغيرةُ، فإنْ كانَتْ مِمَّنْ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، فوَطْؤُها زِنًى يُوجِبُ الحَدَّ؛ لأنَّها كالكبيرَةِ في ذلك، وإن كانَتْ مِمَّنْ لا تَصْلُحُ (٦) للوَطْءِ، ففيها وَجْهَانِ، كالمَيِّتَةِ. قال القاضي: لا حَدَّ على من وَطِئَ صَغِيرَةً لم تَبْلُغْ تِسْعًا؛ لأنَّها لا يُشْتَهَى مِثْلُها، فأشْبَهَ ما لو أدخلَ إصْبَعَه في فَرْجِها، وكذلك لو استدخَلَتِ امرأةٌ ذَكَرَ صَبِيٍّ لم يبلُغْ عشرًا، لا حَدَّ عَليها. والصَّحِيحُ أنَّه متى [وَطِئَ مَن] (٧) أمْكَنَ وَطْؤُها، أو أمْكَنتِ (٨) المرأةُ مَن أمْكَنَه الوَطْءُ فوَطِئَها، أنَّ الحدَّ يجبُ على (٩) المكلَّفِ منهما، ولا يجوزُ تَحْديدُ ذلك بتسْعٍ ولا عشرٍ؛ لأنَّ التَّحديدَ إنَّما يكونُ بالتَّوقِيف، [ولا تَوْقِيفَ] (١٠) في هذا، وكونُ التِّسْع وَقْتًا لإِمكانِ الاسْتِمْتاعِ غالبًا، لا يَمْنَعُ وجودَه قبلَه، كما أنَّ البلُوغَ يُوجدُ في خمسةَ عشرَ عامًا غالبًا، ولم يَمْنَعْ من وجُودِه قبلَه.

فصل: وإن تزَّوجَ ذاتَ مَحْرَمِه، فالنِّكاحُ باطِلٌ بالإِجْماعِ. فإن وَطِئَها، فعليه الحَدُّ. في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم الحسنُ، وجابرُ بنُ زيدٍ، ومالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وأبو يوسف، ومحمدٌ، وإسحاقُ، وأبو أيُّوبَ، وابنُ أبي خَيْثَمَةَ. وقال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِيُّ: لا حَدَّ عليه؛ لأنَّه وَطءٌ تمَكَّنَتِ الشُّبْهَةُ منه، فلم يُوجِبِ الْحَدَّ، كما لو اشْترَى أُخْتَه من الرَّضَاعِ ثم وَطِئَها. وبيانُ الشُّبْهَةِ أنَّه قد وُجِدَتْ صورةُ المُبِيحِ، وهو عَقْدُ النِّكَاحِ الَّذِى هو سببٌ للإِباحَةِ، فإذا لم يَثْبُت حُكْمُه وهو الإِباحَةُ، بَقِيَتْ صُورتُه شُبْهةً


(٥) في ب، م: "كالوطء".
(٦) في م: "تصح".
(٧) سقط من: م.
(٨) في م: "وأمكنت".
(٩) في ب زيادة: "من".
(١٠) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>