للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشرعِ ركعتانِ، فوَجبَ حَمْلُ النَّذْرِ عليه، وأمَّا الوَتْرُ، فهو نَفْلٌ، والنَّذْرُ فرضٌ، فحَمْلُه على المفْرُوض أوْلَى، ولأنَّ الرَكْعةَ لا تُجزِئُ فى الفَرْضِ، فلا تُجْزِئُ فى النَّذْرِ (٤)، كالسَّجْدةِ. وللشافعىِّ قَوْلانِ، كالرِّوايتيْنِ. فأمَّا إِنْ عَيَّنَ بنَذْرِه عددًا، لَزِمَه، قلَّ أو كَثُرَ؛ لأنَّ النَّذْرَ ثابِتٌ بقولِه، فكذلك عددُه، فإنْ نَوَى عددًا، فهو كما لو سمَّاهُ؛ لأنَّه نَوى بلَفْظِه ما يَحْتَمِلُه، فلَزِمَه حُكمُه، كاليَمِينِ.

١٨٥٦ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا نذَرَ الْمَشْىَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الحَرَامِ، لَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا أَنْ يَمْشِىَ فِى حَجٍّ أو عُمْرَةٍ، وإِنْ عَجَزَ عَنِ المَشْى، رَكِبَ، وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ)

وجملتُه أَنَّ مَن نَذَرَ المشْىَ إلى بيتِ اللَّهِ الحرامِ، لَزِمَه الوفاءُ بنَذْرِه. وبهذا قالَ مالِكٌ، والأوزَاعىُّ، والشَّافعىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ. ولا نعلمُ فيه خِلافًا؛ وذلك لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ؛ المَسْجدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِى هَذا، وَالمَسْجدِ الأَقْصَى" (١). ولا يُجْزِئُه المشىُ إِلَّا فى حَجٍّ أو عُمرةٍ. وبه يقولُ الشَّافعىُّ. ولا أعَلمُ فيه خلافًا؛ وذلك لأنَّ المشْىَ المَعْهودَ فى الشرعِ، هو المشْىُ فى حَجٍّ أو عُمْرةٍ، فإذا أطْلَقَ النَّاذرُ، حُمِلَ على المعْهودِ الشَّرْعىِّ، ويَلْزَمُه المشْىُ فيه؛ لِنَذْرِه المَشْىَ (٢)، فإنْ عجَز عن المَشْىِ، ركِبَ، وعليه كفَّارةُ يَمِينٍ. وعن أحمدَ، روايةٌ أخْرَى، أنَّه يَلْزَمُه دَمٌ. وهو قولُ الشافعىِّ (٣). وأفتَى به عَطاءٌ؛ لِما رَوى ابنُ عبَّاسٍ، أَنَّ أُخت عُقْبةَ بنِ عامرٍ نذَرَتِ المشْىَ إلى بيتِ اللَّهِ الحرامِ، فأمرَها النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ ترْكبَ، وتُهْدِىَ هَدْيًا. رواه أبو داوُدَ (٤)، وفيه ضَعْفٌ. ولأنَّه أحلَّ بواجبٍ فى الإحْرامِ، فلَزِمَه هَدْىٌ، كتاركِ الإِحْرامِ من المِيقاتِ. وعن ابنِ عمرَ، وابنِ الزُّبَيْرِ، قالا: يَحُجُّ مِن قابلَ، ويركبُ ما مشَى ويَمْشِى ما ركِبَ (٥). ونحوَه قال ابنُ عباسٍ (٥)، وزادَ فقال: ويُهْدِى. وعن الحسن مثلُ الأقوالِ


(٤) فى م: "النفل".
(١) تقدم تخريجه، فى: ٣/ ١١٧.
(٢) سقط من: م.
(٣) فى ب: "للشافعى".
(٤) تقدم تخريجه، فى: صفحة ٦٢٦.
(٥) أخرجه البيهقى، فى: باب من أمر فيه بالإعادة والمشى فيما ركب. . .، من كتاب النذور. السنن الكبرى ١٠/ ٨١. وعبد الرزاق، فى: باب من نذر مشيا ثم عجز، من كتاب الأيمان والنذور. المصنف ٨/ ٤٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>