للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحِيحٌ، ولا يَلْزَمُه الإِحْرامُ؛ لأنَّه إحْرامٌ لا يَفْسُدُ جَمِيعُه، فلم يَفْسُدْ بعضُه، كما لو وَطِئَ بعدَ التَحَلُّلِ الثَّانِى. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ صادَفَ إحْرامًا، فأفْسَدَهُ، كالإِحْرامِ التّامِّ، وإذا فَسَدَ إحْرامُه، فعليه أن يُحْرِمَ لِيَأْتِىَ بِالطَّوافِ فى إحْرامٍ صَحِيحٍ؛ لأنَّ الطَّوَافَ رُكْنٌ، فيَجِبُ أن يَأْتِىَ به فى إحْرامٍ صَحِيحٍ، كالوُقوفِ، ويَلْزَمُه الإِحْرامُ من الحِلِّ؛ لأنَّ الإِحْرامَ يَنْبَغِى أن يَجْمَعَ فيه بين الحِلِّ والحَرَمِ، فلو أبَحْنا لهذا الإِحْرامَ من الحَرَمِ لم يَجْمَعْ بينهما؛ لأنَّ أفْعَالَه كلَّها تَقَعُ فى الحَرَمِ، فأَشْبَه المُعْتَمِرَ. وإذا أَحْرَمَ من الحِلِّ، طَافَ لِلزِّيَارَةِ، وسَعَى إن كان لم يَسْعَ فى حَجِّه. وإن كان سَعَى، طافَ لِلزِّيَارَةِ، وتَحَلَّلَ (٧). هذا ظَاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّ الذى بَقِىَ عليه بَقِيَّةُ أفْعالِ الحَجِّ، وإنَّما وَجَبَ عليه الإِحْرامُ لِيَأْتِىَ بها فى إحْرامٍ صَحِيحٍ. والمَنْصُوصُ عن أحمدَ ومَن وَافَقَهُ من الأَئِمَّةِ، أنَّه يَعْتَمِرُ، فيَحْتَمِلُ أنَّهم أرَادُوا هذا أيضا، وسَمَّوْهُ عُمْرَةً؛ لأنَّ هذا هو أفْعالُ العُمْرَةِ، ويَحْتَمِلُ أنَّهم أرَادُوا عُمْرَةً حَقِيقِيَّةً، فيَلْزَمُه سَعْىٌ وتَقْصِيرٌ. والأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لما ذَكَرْنَا. وقَوْلُ الخِرَقِىِّ: "يُحْرِمُ من التَّنْعِيمِ". لم يَذْكُرْهُ لِتَعْيِينِ الإِحْرامِ منه، بل لأنَّه حَلَّ، فَمِنْ [أىِّ حِلٍّ أَحْرَمَ] (٨) جَازَ، كالمُعْتَمِرِ (٩).

فصل: ولا فَرْقَ بينَ مَن حَلَقَ ومَن لم يَحْلِقْ، فى أنَّه لا يَفْسُدُ حَجُّهُ بِالوَطْءِ بعد الرَّمْىِ، وعليه دَمٌ وإحْرَامٌ من الحلِّ. هذا ظَاهِرُ كلامِ أحمدَ، والخِرَقِىِّ، ومَن سَمَّيْنَاهُ من الأئِمَّةِ، لِتَرْتِيبِهم هذا الحُكْمَ على الوَطْءِ بعدَ مُجَرَّدِ الرَّمْىِ، من غيرِ اعْتِبَارِ أمْرٍ زَائِدٍ.

فصل: فإن طافَ لِلزِّيَارَةِ، ولم يَرْمِ، ثم وَطِئَ، لم يَفْسُدْ حَجُّه بحالٍ؛ لأنَّ الحَجَّ قد تَمَّت (١٠) أرْكَانُه كلُّها، ولا يَلْزَمُه إحْرَامٌ من الحِلِّ، فإنَّ الرَّمْىَ ليس


(٧) فى الأصل: "حل".
(٨) فى الأصل، أ: "فمن أى أحل وأحرم". وفى ب، م: "فمن أحل وأحرم". ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٩) سقط من: الأصل.
(١٠) فى أ، ب، م: "تم".

<<  <  ج: ص:  >  >>