للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّجاسةِ، فنَظِيرُ مسْألتِنا أَنْ يَتَيقَّنَ نجاسةَ كُمِّ الثَّوبِ، ويشُكَّ فى نجاسةِ سائرِه، فإنَّ حُكْمَ النَّجاسةِ فيه يَزولُ بغَسْلِ الكُمِّ وحدَها، كذا ههُنا (٧). ويُمْكِنُ مَنْعُ حصولِ التَّحْريمِ ههُنا، ومَنْعُ يَقِينِه، فإنَّ الرّجعةَ مُباحَةٌ لزوجِها، فى ظاهرِ المذهبِ، فما هو إذا مُتَيَقِّنٌ للتَّحْريمِ، بل شَاكُّ فيه، مُتَيَقِّنٌ للإِباحةِ.

فصل: إذا رأى رَجُلانِ طائرًا، فحَلَفَ أحدُهما بالطَّلاقِ أنَّه غُرَابٌ، وحَلَفَ الآخَرُ بالطَّلاقِ أنَّه حَمَامٌ. فطارَ ولم يَعْلَما حالَه، لم يُحْكَمْ بِحِنْثِ واحدٍ منهما؛ لأنَّ يقينَ النِّكاحِ ثابِتٌ، ووُقوعَ الطَّلاقِ مَشْكوكٌ فيه. فإنِ ادَّعَتِ امرأةُ أحدِهما حِنْثَه فيها، فالقَوْلُ قولُه؛ لأنَّ الأصْلَ معه، واليَقِينَ فى جانِبِه. ولو كان الحالِفُ (٨) واحدًا، فقال: إن كانَ غُرابًا، فنساؤُه طَوالِقُ، وإن كان حَمامًا، فعبيدُه أحْرارٌ. أو قال: إنْ كان غُرابًا، فزينبُ طالِقٌ، وإن كان حمامًا، فهندُ طالقٌ. ولم يَعْلَمْ ما هو، لم يُحْكَمْ بِحِنْثِه فى شىءٍ؛ لأنَّه مُتَيقِّنٌ للنِّكاحِ، شاكٌّ فى الحِنْثِ، فلا يَزولُ عن يَقينِ النِّكاحِ والمِلْكِ بالشَّكِّ. فأمَّا إن قال أحدُ الرَّجُلينِ: إن كان غُرابًا فامرأتُه طالقٌ ثلاثًا. وقال الآخَرُ: إنْ لم يَكُنْ غرابًا فامرأتُه طالقٌ ثلاثًا. فطار، ولم يعْلَما حالَه، فقد حَنِثَ أحدُهما، لا بعَيْنِه، ولا يُحْكَمُ به فى حقِّ واحدٍ منهما بعَيْنِه، بل تَبْقَى فى حقِّه أحْكامُ النِّكاحِ، مِنَ النَّفقةِ والكُسْوَةِ والسُّكْنَى؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَقِينُ نكاحِه باقٍ، ووُقوع طلاقِه مَشْكوكٌ فيه، فأمّا الوَطْءُ، فذَكَرَ القاضى أنَّه يَحْرُمُ عليهما؛ لأنَّ أحدَهما حانِثٌ بيَقينٍ، وامرأتُه مُحَرَّمةٌ عليه، وقد أشْكَلَ فَحَرُمَ عليهما جميعًا، كما لو حَنِثَ فى إحْدَى امرأتَيْه لا بعَيْنِها. وقال أصحابُ الرّأْىِ، والشَّافعىُّ: لا يَحْرُمُ على (٩) واحدٍ منهما وَطْءُ امرأتِه؛ لأنَّه محَكْومٌ ببقاءِ نكاحِه، ولم يُحْكَمْ بوقوعِ الطَّلاقِ عليه، وفارقَ الحانِثَ فى إحْدَى


(٧) فى أ، ب، م: "هنا".
(٨) فى م: "الحلف".
(٩) فى ب زيادة: "كل".

<<  <  ج: ص:  >  >>