للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَطَأْهَا حَتَّى يَتَيَقَّنَ كَمِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ لِلتَّحْرِيمِ (٢)، شَاكٌّ التَّحْلِيلِ)

وجملةُ ذلك أنَّه إذا طلَّقَ، وشك فى عَدَدِ الطَّلاقِ، فإنَّه يَبْنِى على اليَقينِ. نَصَّ عليه أحمدُ، فى روايةِ ابنِ منصورٍ، فى رجل لَفَظَ (٣) بطَلاقِ امرأتِه، لا يَدْرِى واحدةً أم ثلاثًا؟ قال: أمَّا الواحدةُ فقد وَجَبَتْ عليه، وهى عندَه حتى يَسْتَيْقِنَ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشَّافعىُّ؛ لأنَّ ما زادَ على القَدْرِ الذى تَيقَّنَه طلاقٌ مَشْكوكٌ فيه، فلم يَلْزَمْه، كما لو شكَّ فى أصْلِ الطَّلاقِ. وإذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه تَبْقَى أحْكامُ المُطلِّقِ دونَ الثَّلاثِ من إباحةِ الرَّجْعةِ. وإذا راجعَ (٤) وجَبَت النَّفقةُ وحقوقُ الزَّوجيّةِ. قال الخِرَقىُّ: ويَحْرُمُ وَطْؤُها. ونحوُه قولُ مالكٍ، إلَّا أنَّه حُكِىَ عنه، أنَّه يَلزمُه الأكْثرُ من الطَّلاقِ المشْكوكِ فيه. وقولهما: تَيقَّنَ فى التَّحْريِم؛ لأنَّه تَيقَّنَ وجودَه بالطَّلاقِ، وشَكَّ فى رَفْعِه بالرَّجْعةِ، فلا يَرْتفِعُ بالشَّكِّ، كما لو أصابَ ثوبَه نجاسةٌ، وشَكَّ فى مَوْضعِها، فإنَّه لا يَزُولُ حُكمُ النَّجاسةِ بغَسْلِ موضعٍ [من الثَّوبِ] (٥)، ولا يَزُولُ إلَّا بغَسْلِ جميعِه. وفارقَ لُزُومَ النَّفقةِ، فإنَّها لا تَزولُ بالطَّلْقةِ الواحدةِ، فهى باقيةٌ؛ لأنَّها كانت باقيةً، ولم يَتَيقَّنْ زَوالَها. وظاهرُ قولِ غيرِ الخِرَقِى من أصْحابِنا، أنَّه إذا راجَعَها حَلَّتْ له. وهو قولُ (٦) أبى حنيفةَ، والشَّافعىِّ. وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ، فى روايةِ ابن منصورٍ؛ لأنَّ التّحريمَ المُتَعلِّقَ بما يَنْفِيه، يَزولُ بالرَّجْعةِ يقينًا، فإنَّ التَّحْريمَ أنواعٌ؛ تَحريمٌ تُزِيلُه الرَّجْعةُ، وتحريمٌ يُزيلُه نكاحٌ جديدٌ، وتحريمٌ يُزِيلُه نكاحٌ بعدَ زَوْجٍ وإصابةٍ، ومَنْ تَيقَّنَ الأدْنَى، لا يَثْبُتُ فيه حُكْمُ الأَعْلَى، كَمَنْ تَيَقَّنَ الحدثَ الأصغرَ، لا يثَبُتُ فيه حكمُ الأَكبرِ، ويَزولُ تحريمُ الصَّلاةِ بالطَّهارةِ الصُّغْرَى. ويُخالِفُ الثّوبَ، فإنَّ غَسْلَ بعضِه لا يَرْفعُ ما تَيقَّنَه مِن


(٢) فى ب: "التحريم".
(٣) فى ب: "تلفظ".
(٤) فى ب: "رجع".
(٥) سقط من: ب.
(٦) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>