للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الامْتناعِ، والحديثُ يَدُلُّ بصَرِيحهِ (٢٠) على أَنَّ هذا (٢١) الصَّمْتَ إذْنٌ، وبِمَعْناه على ما فى مَعْناه من الضَّحِكِ والبُكاءِ، وكذلك أقَمْنا الضَّحِكَ مُقامَه.

فصل: والثَّيِّبُ المُعْتَبرُ نُطْقُها، هى المَوْطُوءةُ فى القُبُلِ، سواءٌ كان الوَطْءُ حَلالًا أو حَرامًا. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. وقال مالكٌ، وأبو حنيفةَ، فى المُصابةِ بالفُجُورِ: حُكْمُها حكمُ البِكْرِ فى إذْنِها وتَزْوِيجِها؛ لأنَّ عِلَّةَ الاكتِفاءِ بصُماتِ البِكْرِ الحياءُ، والحياءُ من الشىءِ لا يَزُولُ إلَّا بمباشَرَتِه، وهذه لم تُباشرْ الإذْنَ (٢٢) فى النِّكاحِ، فيَبْقَى (٢٣) حياؤها منه بحالِه. ولَنا، قولُه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِها" (٢٤). ولأنَّ قولَه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُنْكَحُ الأيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وإذْنُها أنْ تَسْكُتَ" (٢٥). يَدُلُّ على أنَّه لابُدَّ من نُطْقِ الثَّيِّبِ؛ لأَنَّه قَسَمَ النِّساءَ قِسْمَيْنِ، فجَعَلَ السُّكوتَ إذْنًا لأحَدِهما، فوَجَبَ أن يكونَ الآخرُ بخِلافِه (٢٦) وهذه ثَيِّبٌ، فإنَّ الثَّيِّبَ هى (٢٧) المَوْطوءةُ فى القُبُلِ، وهذه كذلك. ولأنَّه لو أوْصَى لِثَيِّبِ النِّساءِ دَخَلت فى الوَصِيَّةِ، ولو أَوْصَى للأبْكارِ لم تَدْخُلْ، ولو اشْترطَها فى التَّزْويجِ أو الشِّراءِ بِكْرًا فوَجَدَها مُصابةً بالزِّنَا، مَلَكَ الفَسْخَ، ولأنَّها مَوْطوءةٌ فى القُبُلِ، فأشْبَهتِ المَوْطُوءةَ بشُبْهةٍ، والتعليلُ بالحياءِ غيرُ صحيحٍ، فإنَّه أمْرٌ خَفِىٌّ لا يُمْكِنُ اعتبارهُ بنَفْسِه، وإنَّما يُعْتَبَرُ بمَظِنَّتِه، وهى البَكارةُ، ثم هذا التَّعْليلُ يُفْضِى إلى إبْطالِ مَنْطوق الحديثِ، فيكونُ باطلًا فى نَفْسِه، ولا فَرْقَ بين المُكْرَهةِ والمُطاوِعةِ، وعلى هذا ليس لأبيهَا (٢٨) إجبارُها إذا كانت


(٢٠) فى الأصل: "بتصريحه".
(٢١) سقط من: الأصل، أ.
(٢٢) فى م: "بالإذن".
(٢٣) فى الأصل: "فبقى".
(٢٤) فى أزيادة: "وهذه ثيب".
(٢٥) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٩٩.
(٢٦) فى م: "بحاله".
(٢٧) سقط من: ب.
(٢٨) فى م: "لنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>