للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُقْتَضِى. وقولُهم: إنَّ النَّاسَ تَبَعٌ لهم في هذا. دَعْوَى مُجَرَّدَة، لا دَلِيلَ عليها، فلا تُسْمَعُ.

فصل: وصِفَةُ التَّكْبيرِ: اللهُ أكْبَرُ اللهُ أكبَرُ، لا إله إلّا اللهُ، واللهُ أكبَرُ اللهُ أكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ. وهذا قولُ عمرَ، وعليٍّ، وابنِ مسعودٍ. وبه قال الثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ، وإسحاقُ، وابنُ المُبَارَكِ، إلَّا أنَّه زَادَ: على ما هَدَانَا. لِقَوْلِه: {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (١٤). وقال مالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، يقول: اللهُ أكْبَرُ اللهُ أكْبَرُ (١٥) ثَلَاثًا؛ لأنَّ جَابِرًا صَلَّى في أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فلما فَرَغَ من صَلَاتِه، قال: اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ. وهذا لا يقولُه إلا تَوْقِيفًا، ولأنَّ التَّكْبِيرَ شِعارُ العِيدِ، فكان وَتْرًا، كتَكْبِيرِ الصلاةِ والخُطْبَةِ. ولَنا، خَبَرُ جَابِرٍ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (١٦)، وهو نَصٌّ في كَيْفِيَّةِ التَّكْبِيرِ، وأنَّه قولُ الخَلِيفَتَيْنِ الرَّاشِدَيْنِ، وقولُ ابنِ مسعودٍ، وقولُ جَابِرٍ لا يُسْمَعُ مع قولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يُقَدَّمُ على قَوْلِ أحَدٍ ممَّن ذَكَرْنا، فكيف قَدَّمُوه على قولِ جَمِيعِهم؟ ولأنَّه تَكْبِيرٌ خَارِجَ الصلاةِ، فكان شَفْعًا، كَتَكْبِيرِ (١٧) الأذَانِ. وقولُهم: إنَّ جَابِرًا لا يَفْعَلُه إلا تَوْقِيفًا. فاسِدٌ؛ لوُجُوهٍ: أحَدُها، أنَّه قد رَوَى خِلاف قَوْلِه، فكيف يَتْرُكُ ما صَرَّحَ به لاحْتِمالِ وُجُودِ ضِدِّهِ؟ الثاني، أنَّه إن كان قَوْلُه تَوْقِيفًا، كان قَوْلُ مَن خَالَفَه تَوْقِيفًا، فكيف قَدَّمُوا الضَّعِيفَ على ما هو أقْوَى منه، مع إمامَةِ مَن خالَفَهُ وفَضْلِهم في العِلْمِ عليه، وكَثْرَتِهم؟ الثالثُ، أنَّ هذا ليس بِمَذْهَبٍ لهم، فإنَّ قَوْلَ الصَّحابِيِّ لا يُحْمَلُ على التَّوْقِيفِ عِنْدَهم. الرابعُ، أنَّه إنَّما يُحْمَلُ على التَّوْقِيفِ ما خالَفَ الأُصُولَ، وذِكْرُ اللهِ تعالى لا يُخالِفُ الأصْلَ، ولا سِيَّما إذا كان وِتْرًا.


(١٤) سورة الحج ٣٧.
(١٥) في ازيادة: "اللَّه أكبر".
(١٦) تقدم في صفحة ٢٨٨.
(١٧) في الأصل: "كتكبيرات".

<<  <  ج: ص:  >  >>