للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يكونَ له تِجارَةٌ غيره.

فصل: وإن باعَ سِلْعَةً بِنَقْدٍ، ثم اشْتَرَاها بأكْثَرَ منه نَسِيئَةً، فقال أحمدُ، في رِوايَةِ حَرْبٍ: لا يجوزُ ذلك، إلَّا أن يُغَيّرَ السِّلْعَةَ؛ لأنَّ ذلك يَتَّخِذُه وَسِيلَةً إلى الرِّبَا، فأشْبَه مَسْأَلَةَ العِينَةِ. فإن اشْتَرَاها بِنَقْدٍ آخَرَ، أو بِسِلْعَةٍ أخْرَى، أو بأقَلَّ من ثَمَنِها نَسِيئَةً، جَازَ؛ لما ذَكَرْناهُ في مَسْأَلَةِ العِينَةِ. ويحتَمِلُ أن يجوزَ له شِراؤُها بِجِنْسِ الثَّمَنِ بأَكْثَرَ منه، إلَّا أن يكونَ ذلك عن مُواطَأَةٍ، أو حِيلَةٍ، فلا يجوزُ. وإن وَقَعَ ذلك اتِّفَاقًا من غيرِ قَصْدٍ، جَازَ؛ لأنَّ الأصْلَ حِلُّ البَيْعِ، وإنَّما حُرِّمَ في مسَأَلَةِ العِينَةِ بالأثَرِ الوارِدِ فيه، وليس هذا في مَعْناه، ولأنَّ التَّوَسُّلَ بذلك أكْثَرُ، فلا يُلْحَقُ (٩) به ما دُونَه. واللهُ أعلمُ.

فصل: وفي كلِّ مَوْضِعٍ قُلْنا: لا يجوزُ له أن يَشْتَرِىَ. لا يجوزُ ذلك لِوَكِيلِه؛ لأنَّه قائِمٌ مَقامَهُ، ويجوزُ لغيرِه من الناسِ، سواءٌ كان أباه، أو ابْنَه، أو غيرهما؛ لأنَّه غيرُ البائِعِ ويَشْتَرِى لِنَفْسِه، فأشْبَهَ الأجْنَبِيَّ.

فصل: ومن باعَ طَعَامًا إلى أجَلٍ، فَلَمَّا حَلَّ الأجَلُ أخَذَ منه بالثَّمَنِ الذى في ذِمَّتهِ طَعَامًا قبلَ قَبْضِه، لم يَجُزْ. رُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ، وسعيدِ بن المُسَيَّبِ، وطاوسٍ، وبه قال مالِكٌ، وإسْحاقُ. وأجَازَهُ جابِرُ بنُ زيدٍ، وسَعِيدُ بن جُبَيْرٍ، وعليُّ بنُ حسينٍ (١٠)، والشَّافِعِيُّ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصْحَابُ الرَّأى، قال علِيُّ بنُ حسينٍ: إذا لم يكنْ لك في ذلك رَأْىٌ. ورُوِىَ عن محمدِ بن عبدِ اللهِ ابنِ أبى مَرْيَمَ، أنه قال: بِعْتُ تَمْرًا من التَّمَّارِينَ، كلَّ سَبْعَةِ آصُعٍ بدرهمٍ، ثم وَجَدْتُ عند رَجُلٍ منهم تَمْرًا يَبيعُه أرْبَعَةَ آصُعٍ بدرهمٍ، فاشْتَرَيْتُ منه، فسَأَلْتُ عِكْرِمَةَ عن ذلك؟ فقال: لَا بَأْسَ، أَخَذْتَ أنْقَصَ مِمَّا بِعْتَ. ثم سَأَلْتُ سعيدَ بنَ المُسَيَّبِ عن ذلك، وأخْبَرْتُه


(٩) في م: "يلتحق".
(١٠) يعنى على بن الحسين بن على بن أبي طالب، زين العابدين، روى عن أبيه وعمه الحسن، وأرسل عن جده -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. تهذيب التهذيب ٧/ ٣٠٥ - ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>