للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى اللَّه عليه وسلم- في المُوضِحَةِ بخَمْسٍ من الإِبلِ (١٠)، ولم يقْضِ فيما دُونَها، ولأنَّه لم يثبُتْ فيها مُقَدَّرٌ بتَوْقيفٍ، ولا لَه قِياسٌ يصحُّ، فوجبَ الرُّجوعُ إلى الحُكومةِ، كالحارِصَةِ. وذكرَ القاضي، أنَّه متى أمْكَنَ اعْتبارُ هذه الجراحاتِ من المُوضِحَةِ، مثل أن يكونَ في رأْسِ المَجنِيِّ عليه مُوضِحَةٌ إلى جانِبها، قُدِّرَتْ هذه الجراحةُ منها، فإنْ كانَتْ بِقَدْرِ النِّصْفِ، وجبَ نصفُ (١١) أرْشِ المُوضِحَةِ، وإنْ (١٢) كانَتْ بقَدْرِ الثُلْثِ، وجَبَ ثُلُثُ الأرْشِ. وعلى هذا، إلَّا أنْ تزيدَ الحُكومةُ على قَدْرِ ذلك، فتُوجِبُ ما تُخْرِجُه الحُكومةُ، فإذا كانتِ الجراحةُ قَدْرَ نصفِ المُوضِحَةِ، وشَيْنُها ينْقُصُ قَدْرَ ثُلُثَيْها، أوجبْنَا ثُلْثَيْ أرْشِ الموضِحَةِ، وإنْ نقَصَتِ الحُكومةُ أقلَّ من النِّصفِ، أوْجَبْنا النصفَ، فنُوجبُ الأكثرَ ممَّا تُخْرِجُه الحُكومةُ، أو قدْرَها من المُوضِحَةِ؛ لأنَّه اجْتَمعَ سببانِ مُوجِبان؛ الشَّيْنُ وقدرُها من المُوضِحة، فوجبَ بها أكثرُهما؛ لوُجودِ سَبَبِه. والدَّليلُ على إيجابِ المِقْدارِ، أنَّ هذا اللَّحمَ فيه مُقَدَّرٌ، فكان في بعضِه بقَدْرِه (١٣) منْ دِيَتِه، كالمارِنِ والحشَفَةِ والشَّفَةِ والجَفْنِ. وهذا مذهبُ الشَّافعي. وهذا لا نَعْلَمُه مذهبًا لأحمدَ ولا (١٤) يقْتَضِيه مَذْهبُه، ولا يصِحُّ؛ لأنَّ هذه جِراحةٌ تجِبُ فيها الحُكومةُ، فلا يجبُ فيها مُقَدَّرٌ. كجراحاتِ البدَنِ، ولا يصحُّ قياسُ هذا على ما ذكروهُ (١٥)، فإنَّه لا تجبُ فيه الحُكومةُ، ولا نعلمُ لما ذكَرُوه نَظِيرًا.

١٥١٤ - مسألة؛ قال: (وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنَ الْجِرَاحِ تَوْقِيْتٌ، وَلَمْ يَكُنْ نَظِيرًا لِمَا وُقِّتَتْ دِيَتُهُ، فَفِيهِ حُكُومَةٌ (١))

أمَّا الذي فيه تَوْقيتٌ، فهو الذي نَصَّ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على أرْشِه، وبيَّنَ قَدْرَ دِيَتِه،


(١٠) وأخرجه ابن أبي شيبة، في: باب الموضحة كم فيها، من كتاب الديات. المصنف ٩/ ١٤١، ١٤٢.
(١١) سقط من: ب.
(١٢) سقطت الواو من: م.
(١٣) في م: "بمقداره".
(١٤) في م: "وما".
(١٥) في م: "ذكره".
(١) في الأصل: "الحكومة".

<<  <  ج: ص:  >  >>