للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ (٤) قَتِيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، [إمَّا أن يُودَى، وإمَّا] (٥) يُقَادُ". مُتَّفَقٌ عليه (٦). وروى أبو شُرَيْجٍ، أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ثُمَّ أنْتُمْ يَا خُزَاعَةُ، قَدْ قَتَلْتُم هذَا القَتِيلَ، وأنَا واللهِ عَاقِلُهُ، فمَنْ قَتَلَ بَعْدَه قَتِيلًا فَأَهْلُه بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ؛ إنْ أحَبُّوا قَتَلُوا، وَإنْ أحَبُّوا أخَذُوا الدِّيَةَ". روَاه أبو داودَ، وغيرُه (٧). ولأنَّ القَتْلَ المَضْمُونَ إذا سَقَطَ فيه القِصاصُ من غيرِ إبْراءٍ، ثَبَتَ المالُ، كما لو عَفَا بعضُ الوَرَثَةِ، ويُخالِفُ سائرَ المُتْلَفاتِ؛ لأنَّ بَدَلَها يَجِبُ من جِنْسِها، وههُنا يَجِبُ في الخَطَإِ وعَمْدِ الخَطَإِ من غيرِ الجِنْس، فإذَا رَضِىَ في العَمْدِ ببَدَلِ الخَطَإِ، كان له ذلك؛ لأنَّه أسْقَطَ بعضَ حَقِّه، ولأنَّ القاتِلَ أمْكَنَه إحْياءُ نَفْسِه ببَذْلِ الدِّيَةِ، فلَزِمَه. ويَنْتَقِضُ ما ذكَرُوه بما إذا كان رأسُ الشَّاجِّ أصْغَرَ، أو يَدُ القاطِعِ أنْقَصَ، فإنَّهم سَلَّمُوا فيهما.

فصل: واخْتلَفتِ الرِّوايةُ في مُوجَبِ العَمْدِ، فرُوِىَ عن أحمدَ، رَحِمه اللهُ، أنَّ مُوجَبَه القِصاصُ عَيْنًا؛ لقولِه عليه السلام: "مَنْ قَتَلَ عَمْدًا، فَهُو قَوَدٌ" (٨). ولِمَا ذكَرُوه في دلِيلِهم. ورُوِىَ أنَّ مُوجَبَه أحدُ شَيْئينِ؛ القِصاصِ، أو الدِّيَةِ؛ لما ذكَرْناه قبلَ هذا، ولأنَّ الدِّيَةَ أحَدُ بَدَلَىِ النَّفْسِ، فكانت بَدَلًا عنها، لا عن بَدَلِها، كالقِصاصِ. وأمَّا الخبرُ، فالمُرادُ به وُجوبُ القَوَدِ، ونحنُ نقولُ به، ويُخالِفُ القَتْلُ سائِرَ المُتْلَفاتِ؛ لأنَّ بَدَلَها لا يخْتلفُ بالقَصْدِ وعَدَمِه، والقَتْلُ بخِلافِه. وللشافعيِّ قَوْلانِ، كالرِّوايتَيْنِ. فإذا قُلْنا: مُوجَبُه القِصاصُ عَيْنًا، فله العَفْوُ إلى الدِّيَةِ، والعَفْوُ مُطْلَقًا، فإذا


= كما أخرجه النسائي، في: باب تأويل قوله عز وجل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ. . .}، من كتاب القسامة. المجتبى ٨/ ٣٣.
(٤) سقط من: ب.
(٥) في الأصل "إما يؤد أو إما". وفي ب: "إما أن يؤد وإما".
(٦) تقدم تخريجه، في صفحة ٤٤٨.
(٧) تقدم تخريجه، في صفحة ٥١٦.
(٨) تقدم تخريجه، في صفحة ٤٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>