للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّ الورثةَ يُصَدِّقون الوَصِىِّ أو المدَّعِى، أو له بَيِّنَةٌ بذلك، جَمْعًا بين الرِّوايتَيْن، ومُوافقةً للدَّليلِ. قيلَ لأحمدَ: فإن علمَ المُوصَى إليه لرجلٍ حَقًّا على الميِّتِ، فجاءَ الغَرِيمُ يُطالِبُ الوَصِىَّ، وقدَّمَه إلى القاضي لِيسْتَحْلِفَه أنَّ مالى في يدَيْك حَقٌّ. فقال: لا يَحْلِفُ. ويُعْلِمُ القاضىَ بالقَضِيَّةِ، فإن أعْطاه القاضِى فهو أعلَمُ. فإن ادَّعى رجلٌ دَينًا على الميِّتِ، وأقامَ به بَيِّنَةً، فهل يجوزُ للوَصِىِّ قَبُولُها، وقَضاءُ الدَّيْنِ بها، من غيرِ حضورِ حاكمٍ؟ فكلامُ أحمدَ يدلُّ على روايتَيْن؛ إحداهما، قال: لا يجوزُ الدفعُ إليه بدَعْواه، إلَّا أن تَقومَ الْبَيِّنةُ. فظاهرُ هذا أنَّه جوَّزَ الدَّفعَ بالْبَيِّنَةِ من غيرِ حُكْمِ (١٠) حاكمٍ؛ لأنَّ الْبَيِّنَةَ له حُجَّةٌ. وقال في موضعٍ آخَرَ: إلَّا أن يُثْبِتَ بَيِّنَةً (١١) عند الحاكِم بذلك، فأمَّا إن صدَّقهم الورثةُ على ذلك. قُبِلَ؛ لأنَّه إقْرارٌ منهم على أنْفُسِهم.

٩٨٨ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ أَعْتَقَ في مَرَضِهِ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، عَبْدَيْنِ، لَا يَمْلِكُ غَيْرَهمَا، وَقِيمَةُ أحَدِهِمَا مِائَتَانِ، وَالْآخَرِ ثَلَاثُمائَةٍ، فَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ، أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، فَإنْ وَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى الَّذِى قِيمَتُهُ مِائَتَانِ، عَتَقَ مِنْهُ خمْسَةُ أسْدَاسِهِ، وَهُوَ ثُلُثُ الجَمِيعِ. وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْآخَرِ، عَتَقَ مِنْهُ خمْسَةُ أَتْسَاعِهِ؛ لِأنَّ جَمِيعَ مِلْكِ الْميِّتِ خَمْسُمائَةِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ، فَضُرِبَ فِي ثَلَاثَةٍ، فَأُخِذَ ثُلُثُه خمْسُمَائةٍ. فَأَمَّا إنْ وَقَعَتِ القُرْعَةُ عَلَى الَّذِى قِيمَتُهُ مِائتَانِ، ضَرَبْنَاهُ في ثَلَاثَةٍ، فَصَيَّرْنَاهُ سِتَّمِائَةٍ، فَصَارَ الْعِتْقُ مِنْهُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهِ. وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ في الْآخَرِ إِذَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ. وَكُلُّ شَىْءٍ يَأْتِى مِنْ هَذَا الْبَابِ فَسَبِيلُهُ أَنْ يُضْرَبَ فِي ثَلَاثَةٍ، لِيَخْرُجَ بِلَا كَسْرٍ)

هذه المسألةُ دَالَّةٌ على أحكامٍ أربعةٍ؛ منها أنَّ حُكمَ العِتْقِ في مَرضِ الموتِ حُكمُ


(١٠) سقط من: م.
(١١) في أ، م: "ببينة".

<<  <  ج: ص:  >  >>