للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتابُ الزَّكاةِ

قال أَبو محمدِ بن قُتَيْبَةَ (١): الزَّكاةُ من الزَّكاءِ والنَّماءِ والزِّيادَةِ؛ سُمِّيَتْ بذلك لأنَّها تُثَمِّرُ المَالَ وتُنَمِّيهِ. يقال: زَكَا الزَّرْعُ، إذا كَثُرَ رَيْعُهُ. وزَكَتِ النَّفَقَةُ، إذا بُورِكَ فيها. وهى فى الشَّرِيعَةِ حَقٌّ يَجِبُ فى المالِ، فَعِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِهَا فى مَوَارِدِ الشَّرِيعَةِ يَنْصَرِفُ إلى ذلك. والزَّكَاةُ أحَدُ أَرْكانِ الإسلامِ الخَمْسَة، وهى وَاجِبَةٌ بكِتابِ اللهِ تعالى، وسُنَّةِ رَسُولِه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإجْماعِ أُمَّتِهِ؛ أمّا الكِتَابُ، فقولُ اللهِ تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} (٢). وأما السُّنَّةُ، فإن النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ مُعَاذًا إلى اليَمَنِ، فقال: "أعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ من أغْنِيَائِهِم، فَتُرَدُّ فى فُقَرَائِهِمْ". مُتَّفَقٌ عليه (٣). فى آيٍ وأخْبَارٍ سِوَى هذَيْنِ كَثِيرَةٍ. وأجْمَعَ المسلمون فى جَمِيعِ الأعْصارِ على وُجُوبِها، واتَّفَقَ الصَّحابَةُ رَضِىَ اللهُ عنهم على قِتَالِ مَانِعِيها، فَرَوَى البُخارِىُّ بإسْنَادِهِ عن أبى هُرَيْرَةَ، قال: لمَّا تُوُفِّىَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكان أبو بكرٍ، وكَفَرَ من كَفَرَ من العَرَبِ، فقال عمرُ: كيف تُقاتِلُ النَّاسَ، وقد قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أُمِرْتُ أن أُقَاتِلَ النّاسَ حتى يَقُولُوا لَا إله إلَّا اللهُ، فَمَنْ قَالَها فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى مَالَه ونَفْسَه إلَّا بِحَقِّه، وحِسَابُهُ عَلَى اللهِ"؟ فقال: واللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بين الصَّلاةِ والزَّكاةِ؛ فإن الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، واللهِ لو مَنَعُونِى عَنَاقًا (٤) كانُوا يُؤدُّونَها إلى رَسُول


(١) غريب الحديث ١/ ١٨٤.
(٢) سورة البقرة ٤٣.
(٣) تقدم فى: ١/ ٢٧٥. ويضاف إليه: وأخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى كراهة أخذ خيار المال فى الصدقة، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى ٣/ ١١٧، ١١٨.
(٤) العناق: الأنثى من أولاد المعز والغنم من حين الولادة إلى تمام حول.

<<  <  ج: ص:  >  >>