للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَدَاءِ، انْفَسَخَ العقدُ، كما لو تَلِفَ المَبِيعُ قبلَ قَبْضِه، ولأنَّه مات قبلَ وُجُودِ شَرْطِ حُرِّيَّتِه، ويتَعَذَّرُ وُجُودُها (٨) بعدَ مَوْتِه.

فصل: وإِنْ (٩) مات ولم يُخَلِّفْ وَفاءً، فلا خِلافَ فى المذهبِ أَنَّ الكِتابةَ تنْفَسِخُ بمَوْتِه، ويَمُوتُ عَبْدًا، وما فى يَدِه لسَيِّدِه. وهو قولُ أهلِ الفَتْوَى من أئِمَّةِ الأَمْصارِ، إِلَّا أَنْ يَمُوتَ بعدَ أداءِ ثلاثةِ أرْبَاعِ الكِتابةِ عندَ أبى بكرٍ والقاضى ومَن وافَقَهُما، فإنَّه يموتُ حُرًّا، فى مُقْتَضَى قَوْلِهم. وقال مالكٌ: إِنْ كان له ولدٌ حُرٌّ، انْفَسَخَتِ الكتابةُ، وإِنْ كان مَمْلوكًا (١٠) فى كِتابَتِه، أُجْبِرَ على دَفْعِ المالِ (١١) إِنْ كان له مالٌ، وإن لم يكُنْ له مالٌ، أُجْبِرَ على الاكْتِسابِ والأداءِ. وقد رُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أَنَّه يُعْتَقُ منه بقَدْرِ ما أَدَّى (١٢). ورُوِىَ عن ابنِ عباسِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إِذَا أصَابَ الْمُكَاتَبُ حَدًّا، أَوْ مِيرَاثًا، وَرِثَ بِقَدْرِ مَا أدَّى، ويُودَى الْمُكَاتَبُ بِحِصَّةِ مَا أدَّى" (١٣). وعن عمرَ، وعلىٍّ، والنَّخعِىِّ: إذا أدَّى الشَّطر، فلا رِقَّ عليه (١٤). وقال ابنُ مسعودٍ: إذا أدَّى قَدْرَ قِيمَتِه، فهو غَرِيمٌ (١٥). وقد ذكَرْنا الجوابَ عن هذه الأقوالِ كلِّها (١٦) فيما تقَدَّم بما أَغْنَى عن إعادَتِه، إن شاءَ اللَّهُ تعالى.

فصل: ولا تَنْفَسِخُ الكِتابةُ بالجُنُونِ؛ لأنَّها عَقْدٌ لازِمٌ، فلم تَنْفَسِخْ بالجُنُونِ، كالرَّهْنِ، وفارَقَ المَوْتَ؛ لأنَّ العَقْدَ على العَيْنِ، والمَوْتُ يُفَوِّتُ العَيْنَ، بخِلافِ الجُنُونِ، ولأنَّ القَصْدَ من الكِتابةِ العِتْقُ، والموتُ يُنافِيه، ولهذا لا يَصِحُّ عِتْقُ المَيِّتِ،


(٨) فى م: "وجوده".
(٩) فى م: "وإذا".
(١٠) فى ب، م: "له مملوك".
(١١) فى م زيادة: "كله".
(١٢) تقدم فى: ٩/ ١٢٦، وصفحة ٤٥٣.
(١٣) تقدم تخريجه، فى: ٩/ ١٢٦.
(١٤) تقدم فى: ٩/ ١٢٦، وتقدم تخريجه، فى: صفحة ٤٥٣.
(١٥) تقدم تخريجه، فى: صفحة ٤٥٣.
(١٦) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>