للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَرْبِ عَبْدٍ (٧)، ونَحْوِه (٨)، فمتى عَيَّنَ وَقْتَه، ولم يَنْوِ ما يَقْتَضِى تَعْجِيلَه، ولا كان سبَبُ يَمِينِه يَقْتَضِيه، لم يَبَرَّ إِلَّا بفِعْلِه فى وَقْتِه. وذكرَ القاضى، أنَّه يَبَرُّ بتَعْجِيلِه عن وَقْتِه. وحُكِىَ ذلك عن أصْحابِ أبى حنيفةَ. ولَنا، أَنَّه لم يَفْعَلِ المحْلوفَ عليه فى وَقْتِه، من غيرِ نِيَّةٍ تصْرِفُ يَمِينَه، ولا سَبَبٍ، فيَحْنَثُ، كالصِّيامِ. ولو فعَلَ بعضَ المَحْلُوفِ عليه قبلَ وَقْتِه، وبعضَه فى وَقْتِه، لم يَبَرَّ؛ لأَنَّ اليَمِينَ فى الإِثْباتِ لا يَبَرُّ فيها إِلَّا بفِعْلِ جميعِ المحْلوفِ عليه، فتَرْكُ بعضِه فى وَقْتِه، كتَرْكِ جَمِيعه، إِلَّا أَنْ يَنْوِىَ أَنْ لا يُجاوِزَ ذلك الوَقْتَ، أو يَقْتَضِىَ ذلك سَبَبُها.

فصل: ومَن حَلَفَ لا يَبِيعُ ثَوْبَهُ بعشرةٍ، فباعهُ بِها أو بأَقَلَّ منها (٩)، حَنِثَ. وإِنْ باعَهُ بأَكْثَرَ منها، لم يَحْنَثْ. وقال الشافِعِىُّ: لا يَحْنَثُ إذا باعَه بأقَلَّ منها (١٠)؛ لأنَّه لم يَتناوَلْه يَمِينُه. ولَنا، أَنَّ العُرْفَ فى هذا أَنْ لا يَبيعَه بها، ولا بأَقَلَّ منها، بدَلِيلِ أنَّه لو وَكَّلَ فى بَيْعِه إنْسانًا، وأَمَرَه أَنْ لا يَبِيعَه بعشرةٍ، لم يَكُنْ له بَيْعُه بأقَلَّ منها، ولأنَّ هذا تَنْبِيهٌ على امْتِناعِه من بَيْعِه بما دونَ العشرةِ، والحكمُ يَثْبُتُ بالنِّيَّةِ، كثُبُوتِه باللَّفْظِ. وإِنْ حَلَفَ: لا اشْتَرَيْتُه بعشرةٍ. فاشْتراه بأقَلَّ، لم يَحْنَثْ. وإِنْ اشْتَراه بها أو بأكثرَ (١١)، حَنِثَ؛ لما ذكرْنا. ومُقْتَضَى مذهبِ الشافِعىِّ، أَنْ لا يَحْنَثَ إذا اشْتَراهُ بأكثرَ منها؛ لأنَّ يَمِينَه لم (١٢) تَتَناوَلْه لَفْظًا. ولَنا، أنَّها تَناوَلَتْه (١٣) عُرْفًا وتَنْبِيهًا، فكان حانِثًا، كما لو حَلَفَ: مالَه عَلىَّ حَبَّةٌ. فإنَّه يَحْنَثُ إذا كان (١٤) عليه أكْثَرُ منها، ويَبْرَأُ بيَمِينِه ممَّا زادَ عليها، كبراءَتِه منها. قيل لأحمدَ: رجُلٌ [حَلَفَ أَنْ] (١٥) لا ينْقُصَ هذا الثَّوْبَ عن (١٦) كذا. قال: قد أَخَذْتُه، ولكن


(٧) فى أ: "عبده".
(٨) فى الأصل: "أو نحوه".
(٩) فى الأصل: "أقل".
(١٠) سقط من: الأصل، أ، م.
(١١) فى م زيادة: "منها".
(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) فى ب: "تتناوله".
(١٤) فى م زيادة: "له".
(١٥) فى م: "إن حلف".
(١٦) فى الأصل، أ، ب: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>