للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، كما لو أدْرَكَه فى الغَنِيمةِ قبلَ قَسْمِه (٢٠). فأما إن اشْتَراه رجُلٌ من العَدُوِّ، فليس لصاحِبِه أخْذُه إلَّا بِثَمَنِه؛ لما روَى سعيدٌ (٢١)، حَدَّثَنا عثمانُ بن مَطَرٍ الشَّيْبانِىُّ، حَدَّثَنا أبو حَرِيزٍ، عن الشَّعْبِىِّ، قال: أغارَ أهلُ ماه (٢٢) وأهلُ جَلُولاءَ (٢٣) على العرَبِ، فأصابُوا سَبايَا مِن سَبايَا العرَبِ، ورَقِيقًا، ومتاعًا، ثمّ إنَّ السائِبَ بن الأقْرَعِ عامِلَ عمرَ غَزاهُم، فَفَتَح ماهَ، فكتَب إلى عمرَ فى سَبايا المسلمين ورَقِيقِهم ومتاعِهم، قد اشْتَراه التُّجَّارُ من أهلِ ماه، فكتَب إليه عمرُ: إنَّ المسلمَ أخو المسلمِ، لا يخُونُه، ولا يخْذُلُه، فأيُّما رجُلٍ من المسلمين أصابَ رقيقَه ومتاعَه بعيْنِه، فهو أحَقُّ به، وإنْ أصابَهُ فى أيْدِى التُّجَّارِ بعدَما اقْتُسِمَ، فلا سبيلَ إليه، وأيُّما حُرٍّ اشْتراه التُّجَّارُ، فإنَّه يُرَدُّ عليهم رُءوسُ أمْوالِهم، فإنّ الحُرَّ لا يُباعُ ولا يُشْتَرى. وقال القاضى: ما حَصَلَ فى يدِه بهِبَةٍ أو سَرِقَةٍ أو شِراءٍ، فهو كما لو وجَدَه صاحِبُه بعدَ القِسْمَةِ، هل (٢٤) يكونُ صاحِبُه أحقَّ به بالقيمَةِ؟ على روايتَيْن، والأَوْلَى ما ذكرناه. وإن علِمَ الإِمامُ بمالِ المسلمِ قبلَ قَسْمِه، فقَسَمَه، وجبَ ردُّه، وكان صاحِبُه أحَقَّ به بغيرِ شىءٍ؛ لأنَّ قِسْمَتَهُ كانتْ باطِلَةً من أصْلِها.

فصل: وإنْ غَنِمَ المسلمون من المشرِكين شيئًا عليه علامةُ المسلمين، فلم يُعْلَمْ صاحِبُه، فهو غَنِيمةٌ. قال أحمدُ، فى مَراكِبَ تجىءُ من مصرَ، يَقْطَعُ عليها الرُّومُ فيأْخُذُونها، ثم يأْخُذُها المسلمون منهم: إنْ عُرِفَ صاحبُها فلا يُؤْكَلُ منها. وهذا يدُلُّ على أنَّه إذا لم يُعرَفْ صاحِبُها جازَ الأكْلُ منها. ونحوُ هذا قولُ الثَّوْرِىِّ، والأوْزَاعِىِّ، قالا فى المُصْحَفِ يحْصُلُ فى الغنائِم: يُباعُ. وقال الشافِعِىُّ: يُوقَفُ حتَّى يجىءَ صاحبُه. وإنْ وُجِدَ شىءٌ موسومٌ عليه: حُبِّسَ فى سبيلِ اللَّه. رُدَّ كما كان. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال الأَوْزاعِىُّ، والشافِعِىُّ. وقال الثَّوْرِىُّ: يُقْسَمُ ما لم يأْتِ صاحِبُه. ولَنا، أنَّ هذا قد عُرِفَ


(٢٠) فى ب: "القسمة".
(٢١) هو الذى تقدم بعضه قرييا فى المسألة نفسها.
(٢٢) ماه: هى ماه دينار، مدينة نهاوند، وهى مدينة عظيمة، فى قبلة همذان، بينهما ثلاثة أيام. معجم البلدان ٤/ ٤٠٦، ٨٢٧.
(٢٣) جلولاء: ناحية من نواحى السواد فى طريق خراسان، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ. معجم البلدان ٢/ ١٠٧.
(٢٤) فى ب: "فهل".

<<  <  ج: ص:  >  >>