للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدَه، فلا شىءَ للمُوصَى له. كذلك حكاه ابنُ المُنْذِرِ، فقال: أَجمعَ مَن أحْفَظُ عنه مِن أهلِ العِلمِ، على أنَّ الرَّجلَ إذا أُوصِىَ له بشَىءٍ، فهلَكَ ذلك الشَّىءُ، أنْ لا شىءَ له في سائرِ مالِ الميِّتِ، وذلك لأنَّ المُوصَى له إنَّما يَسْتَحِقُّ بالوَصِيَّةِ لا غيرُ، وقد تعلَّقتْ بمُعَيَّنٍ، وقد ذهبَ، فذهبَ حقُّه، كما لو تَلِفَ في يدِه، والتَّرِكَةُ في يَدِ الوَرثةِ غيرُ مَضْمونَةٍ عليهم؛ لأنَّها حصلَتْ في أيْدِيهم بغَيرِ فِعْلِهم، ولا تَفْرِيطِهم، فلم يَضْمَنُوا شيئًا. وإن تلِفَ المالُ كلُّه سِوَاهُ فهو للمُوصَى له؛ لأنَّ حَقَّ (١) الوَرَثةِ لم يتعلَّقْ به لتَعْيينِه للمُوصَى له، وذلك يَمْلِكُ أخْذَه بغيرِ رِضَاهم وإذْنِهم، فكان حقُّه فيه دونَ سائرِ المالَ، وحقوقُهم في سائرِ المالِ دونَه، فأيُّهما تَلِفَ حقُّه لم يشاركِ الآخَرَ في حقِّه، كما لو كانَ التَّلَفُ بعدَ أن أخذَه المُوصَى له وقَبَضَه، وكالورثةِ إذا اقْتَسمُوا، ثم تَلِفَ نَصيبُ أحدِهم. قالَ أحمدُ، في مَن خَلَّفَ مِائتىْ دِينارٍ وعبدًا قيمتُه مِائةٌ، ووصَّى لرجلٍ بالعَبْدِ، فسُرِقَتِ الدَّنانيرُ بعدَ الموتِ: فالعَبْدُ للمُوصَى له به.

فصل: وإنْ وَصَّى له بمُعَيَّنٍ، فاسْتُحِقَّ بعضُه أو هلَكَ، فله ما بَقِىَ منه، إن حَمَلَه الثُّلُثُ، وإن وَصَّى له بثُلُثِ عبدٍ أو ثُلُثِ دارٍ، فاسْتُحِقَّ الثُّلُثان منه، فالثُّلُثُ الباقى للمُوصَى له. وهو قولُ الشَّافعىِّ، وأصحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّ الباقىَ كلَّه مُوصًى به، وقد خرَجَ من الثُّلُثِ، فاسْتَحَقَّه المُوصَى له، كما لو كان شيئًا مُعَيَّنًا. وإن وَصَّى له بثُلُثِ (٢) ثلاثةِ أعْبُدٍ، فهلَكَ عَبْدان، أو استُحِقَّا، فليس له إلَّا ثُلُثُ الباقى. وبه قال الشَّافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّه لم يُوصِ له من الباقى بأكثرَ من ثلاثةٍ، وقد شَرَّكَ بينه وبينَ وَرَثتِه في اسْتِحْقاقِه.

٩٩١ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ أَوْصَى لَهُ بِشَىْءٍ فَلَمْ يَأْخُذْهُ زَمَانًا، قُوِّمَ وَقْتَ الْمَوْتِ، لَا وَقْتَ الْأَخْذِ)

وجملتُه أن الاعتبارَ في قيمةِ المُوصَى به وخُروجها من الثُّلثِ، أو عَدَمِ خُروجِها،


(١) في الأصل، أ: "حقوق".
(٢) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>