للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كدِمَاغِه وحَلْقِه، ونحوِ ذلك ممَّا يَنْفُذُ إلى مَعِدَتِه، إذا وَصَلَ باخْتِيَارِه، وكان ممَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، سواءٌ وَصَلَ من الفَمِ على العادَة، أو غيرِ العادَةِ كالوَجُورِ (١٨) واللَّدُودِ (١٩)، أو من الأنْفِ كالسَّعُوطِ، أو ما يَدْخُلُ من الأُذُنِ إلي الدِّمَاغِ، أو ما يَدْخُلُ من العَيْنِ إلى الحَلْقِ كالكُحْلِ، أو ما يَدْخُلُ إلى الجَوْفِ من الدُّبْرِ بالحُقْنَةِ، أو ما يَصِلُ من مُدَاوَاةِ الجائِفَةِ (٢٠) إلى جَوْفِه، أو من دَوَاءِ المَأْمُومَةِ (٢١) إلى دِمَاغِه، فهذا كُلُّه يُفْطِرُهُ؛ لأنَّه وَاصِلٌ إلى جَوْفِه بِاخْتِيَارِه، فأشْبَه الأَكْلَ، وكذلك لو جَرَحَ نَفْسَه، أو جَرَحَهُ غيرُه باخْتِيَارِه، فوَصَلَ إلى جَوْفِه، سَوَاءٌ اسْتَقَرَّ في جَوْفِه، أو عَادَ فخَرَجَ منه، وبهذا كُلِّه قال الشَّافِعِيِّ. وقال مالِكٌ: لا يُفْطِرُ بالسَّعُوطِ، إلَّا أن يَنْزِلَ إلى حَلْقِه، ولا يُفْطِرُ إذا دَاوَى المَأْمُومَةَ والجَائِفَةَ. واخْتلَفَ عنه (٢٢) في الحُقْنَةِ، واحْتَجَّ له بأنَّه لم يَصِلْ إلى الحَلْقِ منه شىءٌ، أشْبَه ما لم يَصِلْ إلى الدِّمَاغِ ولا الجَوْفِ. ولَنا، أنَّه وَاصِلٌ إلى جَوْفِ الصَّائِمِ بِاخْتِيَارِه، فيُفْطِرُهُ، كالوَاصِلِ إلى الحَلْقِ، والدِّمَاغُ جَوْفٌ، والوَاصِلُ إليه يُغَذِّيه، فيُفْطِرُه، كجَوْفِ البَدَنِ (٢٣).

فصل: فأمَّا الكُحْلُ، فما وَجَدَ طَعْمَه في حَلْقِه، أو علم وُصُولَه إليه، فَطَّرَهُ، وإلَّا لم يُفَطِّرْهُ. نَصَّ عليه أحمدُ. وقال ابنُ أبي موسى: ما يجد طَعْمَه كالذَّرُورِ والصَّبِرِ والقَطُورِ، أفْطَرَ. وإن اكْتَحَلَ باليَسيرِ من الإثمِدِ غيرِ المُطَيَّبِ،


(١٨) الوجور: الدواء يصب في الحلق.
(١٩) اللدود: ما يصب بالمُسْعُط من الدواء في أحد شقي الفم.
(٢٠) الجائفة: الجراحة تصل للجوف.
(٢١) المأمومة: التى تصل إلى أم الدماغ، وهى أشد الشجاج.
(٢٢) أى: واختلف النقل عنه.
(٢٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية، بعد أن ذكر تنازع أهل العلم في أمر الكحل والحقنة وما يقطر في الإحليل ومداواة المأمومة والجائفة: والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك. واستدل لقوله هذا بكلام طويل، راجعه في الفتاوى ٢٥/ ٢٣٣ - ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>