للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى كُمِّه، فأمْسَكها فى يَدِه عندَ المُغالَبةِ، لم يَضْمَنْ، وإن فَعَلَ ذلك عند غيرِ المُغالبةِ ضَمِنَ. وإن أمَرَه بحِفظِها مُطْلَقًا، فتَرَكها فى جَيْبِه، أو شَدَّها فى كُمِّه، لم يَضْمَنْها. وإن تَرَكها فى كُمِّه غيرَ مَشْدُودةٍ، وكانت خَفِيفةً لا يَشْعُرُ بها إذا سَقَطَتْ، ضَمِنَها؛ لأنَّه مُفَرِّطٌ، وإن كانت ثقيلةً يَشْعُرُ بها، لم يَضْمَنْها؛ [لأنَّ هذا] (٢٢) عادةُ النَّاس فى حِفْظِ أموالِهم. وإن شَدَّها على عَضُدِه، لم يَضْمَنْها؛ لأنَّ ذلك أحْفَظُ لها. وقال القاضى: إن شَدَّهَا من جانبِ الجَيْبِ، لم يَضْمَنْ، وإن شَدَّها من الجانبِ الآخرِ، ضَمِنَها؛ لأنَّ الطَّرَّارَ يَقْدِرُ على بَطِّها، بخلافِ ما إذا شَدَّها ممَّا يَلِى الجَيْبَ. وهذا يَبْطُلُ بما إذا تَرَكها فى جَيْبِه، أو شَدَّها فى كمِّه، فإنَّ الطَّرَّارَ يَقْدِرُ على بَطِّها ولا يَضْمَنُ، وليس إمكانُ إحْرازِها بأحْفَظِ الحِرْزَيْنِ مانِعًا من إحرازِها بما دونَه، إذا كان حِرْزًا لِمِثلِها (٢٣). وشَدُّها على العَضُدِ حِرْزٌ لها كيفما كان؛ لأنَّ الناسَ يُحَرِّزُون به أموالَهم، فأشْبَهَ شَدَّها فى الكُمِّ وَتَرْكَها فى الجَيْبِ، ولكن لو أُمرَه بشَدِّها ممَّا يَلِى الجَيْبَ (٢٤)، فشَدَّها (٢٥) من الجانبِ الآخرِ، ضَمِنَ. وإن أمَرَه بشدِّها ممَّا يَلِى الجانبَ الآخَرَ، فشَدَّها ممَّا يَلِى الجَيْبَ، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّه أحْرَزُ. وإن أَمَرَه بشَدِّها على عَضُدِه مطلقًا، أو أَمَرَه بحِفْظِها معه، فشَدَّها من أىِّ الجانِبيْنِ كان، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّه مُمْتَثِل لأمْرِ (٢٦) مالِكِها، مُحْرِزٌ لها بحِرْزِ مثلِها. وإن شَدَّها على وَسَطِه، فهو أحْرَزُ لها، وكذلك إن ترَكها فى بيتِه فى حِرْزِها.

فصل: وإن أَمَرَه أن يَجْعَلَها فى صُندوقٍ، وقال: لا تَقْفِلْ عليها، ولا تَنَمْ فَوْقَها. فخَالَفه فى ذلك، أو قال: لا تَقْفِلْ عليها إلَّا قُفْلًا واحدًا، فجَعل عليها قُفْلَيْنِ، فلا ضَمانَ عليه. ذكَره القاضى. وهو ظاهرُ مذهبِ الشَّافعىِّ. وحُكِىَ عن مالكٍ أنَّه يَضْمَنُ؛ لأنَّه خَالَفَ رَبَّها فى شىءٍ له فيه غرَضٌ يتعلَّقُ بحِفْظِها، فأشْبَهَ ما لو نَهَاهُ عن


(٢٢) فى ب: "لأنها".
(٢٣) فى م: "بمثلها".
(٢٤) سقط من: أ، م.
(٢٥) فى أ، م: "فشدها".
(٢٦) فى أ، م: "أمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>