للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمِلْكِه، انْفَسخَ نِكاحُه؛ لأنَّه مَلَكَها وحَلَّتْ له بمِلْكِ يَمينِه، وإن مَلَكَ بعضَها، انْفَسخَ نِكاحُه (١٦)، ولم تَحِلَّ له؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ جَمِيعَها. وإن اشتراها بعَيْنِ مالٍ مُشْتَركٍ بينه وبين سَيِّدِه بغيرِ إذْنِه، وقُلْنا: لا تُفَرَّقُ الصَّفْقةُ. لم يَصِحَّ البيعُ، والنِّكاحُ بحالِه. وإن قُلْنا بتَفْريقِها، صَحَّ فى قَدْرِ مالِه، وانْفَسخَ النكاحُ؛ لمِلْكِه بعضَها.

فصل: وإن اشْتَرتِ الحُرّةُ زَوْجَها، أو مَلَكَتْه بهِبَةٍ أو غيرِها (١٧)، انْفَسخَ النِّكاحُ؛ لأنَّ مِلْكَ النِّكاحِ واليَمينِ يَتَنافَيانِ، لِاسْتِحالةِ كَوْنِ الشَّخْصِ مالِكًا لمالِكِه، ولأنَّ المرأةَ تقولُ: أَنْفِقْ علَىَّ لأنَّنى امْرَأتُكَ، وأنا أسافِرُ بك لأنَّك عَبْدِى. ويقول هو: أنْفِقِى علىَّ لأنَّنى عَبْدُكِ، وأنا أسافِرُ بك لأنَّك امْرَأتِى. فيتَنافَى ذلك، فيَثْبُتُ أقواهُما، وهو ملكُ اليَمينِ، ويَنْفَسِخُ النِّكاحُ؛ لأنَّه أضْعَفُ، ولها على سَيِّدِه المهرُ إن كان بعدَ الدُّخُولِ، وله عليها الثَّمَنُ، فإن كانا دَينيْنِ من جِنْسٍ تَقَاصَّا وتَساقَطا إن (١٨) كانا مُتَساويَيْنِ، وإن تَفاضَلا سَقَطَ الأقَلُّ منهما بمِثْلِه، وبَقِيَ الفاضلُ، وإن اختَلفَ جِنْسُهُما لم يَتَساقطا، وعلى كلِّ واحدٍ منهما تَسْلِيمُ ما عليه إلى صاحِبِه. وقال الشافعىُّ، فى أحدِ قَوْلَيْه: يَسْقُطُ مَهْرُها؛ لأنَّه دَيْنٌ فى ذِمَّةِ العَبْدِ، فإذا مَلَكَتْه لم يَجُزْ أن يَثْبُتَ لها دَيْنٌ فى ذِمَّةِ عَبْدِها، كما لو أتْلَفَ لها مالًا. وهذا بِناء منه (١٩) على أَنَّ المَهْرَ يتعلَّقُ بذِمَّةِ العَبْدِ، وقد بَيَّنَّا أنَّه يتعلَّقُ بذِمَّةِ سَيِّدِه، فلا يُؤَثِّرُ مِلْكُ العبدِ فى إسْقاطِه. وذكر القاضى فيه وَجْهًا، أنَّه يَسْقُطُ؛ لأنَّ ثُبوتَ الدَّيْنِ فى ذِمَّةِ السيِّد تَبَعٌ لثُبوتِه فى ذمَّةِ العبدِ، فإذا سَقَطَ من ذِمَّةِ العبدِ سقَط من ذمَّةِ السَّيِّدِ تَبَعًا، كالدَّيْنِ الذى على الضَّامنِ إذا سقطَ من ذِمَّةِ المَضْمُونِ عنه. ولا يُعْرَفُ هذا فى المذهبِ، [ولا أنَّه يَثْبُتُ] (٢٠) فى الذِّمَّتَيْنِ جميعًا،


(١٦) فى أ، ب: "النكاح".
(١٧) فى الأصل: "أو بغيرها".
(١٨) فى أ، م: "وإن".
(١٩) فى الأصل، ب: "منهم".
(٢٠) فى الأصل، أ، م: "ولأنه ثبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>