للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَوْلِ يَيْأَسُ منها، ويَسْلُو عنها، ويَتْرُكُ طَلَبَها. ويَسقُطُ التَّعْرِيفُ بتَأْخِيرِه عن الحَوْلِ الأَوَّلِ، في المَنْصُوصِ عن أحمدَ؛ لأنَّ حِكْمةَ التَّعْرِيفِ لا تَحْصُلُ بعدَ الحَوْلِ الأَوَّلِ. وإن تَرَكَه في بعض الحَوْلِ، عَرَّفَ بَقِيَّتَه. ويَتَخَرَّجُ أن لا يَسْقُطَ التَّعْرِيفُ بتأخُّرِه (٢٨)؛ لأنَّه واجِبٌ، فلا يَسْقُطُ بِتَأْخِيرِه عن وَقْتِه، كالعِبَاداتِ وسائِر الواجِبَاتِ. ولأنَّ التَّعْرِيفَ في الحَوْلِ الثاني يَحْصُلُ به المَقْصُودُ على نَوْعٍ (٢٩) من القُصُورِ، فيَجِبُ الإتْيانُ به؛ لقولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أمَرْتُكُم بأمْرٍ فائْتُوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُم" (٣٠). فعلى هذا إن أخَّرَ التَّعْرِيفَ بعضَ الحَوْلِ، أتَى بالتَّعْرِيفِ في بَقِيَّتِه، وأتَمَّهُ من الحَوْلِ الثاني. وعلى كلا القَوْلَيْنِ، لا يَمْلِكُها بالتَّعْرِيفِ [فيما عدا] (٣١) الحَوْل الأوَّل؛ لأنَّ شَرْطَ المِلْكِ التَّعْرِيفُ في الحَوْلِ الأوَّلِ، ولم يُوجَدْ. وهل له أن يَتَصَدَّقَ بها أو يَحْبِسَها (٣٢) عنده أبدا؟ على رِوَايَتَيْنِ. ويَحْتَمِلُ أن يَلْزَمَهُ دَفْعُها إلى الحاكِمِ، كَقوْلِنا فيما إذا الْتَقَطَ ما (٣٣) لا يَجُوزُ الْتِقَاطُه. ولو تَرَكَ التَّعْرِيفَ في بعضِ الحَوْلِ الأوَّلِ، لم يَمْلِكْها أيضًا بالتَّعْرِيفِ فيما بعدَه؛ لأنَّ الشَّرْطَ لم يَكْمُلْ، وعَدَمُ بعض الشَّرْطِ كعَدَمِ جَمِيعِه، كما لو أخَلَّ ببعضِ الطَّهَارَةِ، أو ببعض السُّتْرَةِ في الصلاةِ.

فصل: وان تَرَكَ التَّعْرِيفَ في الحَوْلِ الأوَّلِ؛ لِعَجْزِه عنه، مثل أن يَتْرُكَه لِمَرَضٍ أو حَبْسٍ أو نِسْيانٍ ونحوه، ففيه وَجْهانِ؛ أحدهما، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ ما لو تَرَكَه مع


= تحفة الأشراف ٨/ ٢٥٠.
وأخرجه أبو داود، في: كتاب اللقطة. سنن أبي داود ١/ ٣٩٧. وابن ماجه، في: باب اللقطة، من كتاب اللقطة. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٣٧. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ١٦٢، ٢٦٦.
(٢٨) في م: "لتأخره".
(٢٩) في الأصل: "نعت".
(٣٠) تقدم تخريجه في: ١/ ٣١٥.
(٣١) في الأصل: "في تباعد".
(٣٢) في م: "يحبسه".
(٣٣) في م: "فيما".

<<  <  ج: ص:  >  >>